-A +A
نجلاء العتيبي Najlaaaotaibi3@
لا يحلو الكلام إلا بالدقائق الأخيرة وعند التوديع، وهذا الجزء الذي يزعجني في كل زيارةٍ اجتماعية أو ملتقى أو محفل.

منذ بداية معرفتي لأبواب الحياة أنتظم بالوقت وينظمني، فحرصي على سرعة الخروج جلب لي الانتقاد، ومع ذلك لم يتغير طبعي هذا.


أودع الجمع سعيدةً بِهذا اللقاء الثقافي، أمضي فرحة ومزهوة بكل هذه الإنجازات، أردد كلمات أغنية الراحل طلال مداح، رحمه الله، «وطني الحبيب وهل أُحب سواه»، أشعر بيد على كتفي تريد استيقافي تنبهني وتقطع علي ما هِمت بِه، ألتفت وإذا بوجهٍ مبتسم يبادرني: نجلاء بنت عبدالله؟

نسيت أثر هذه المفاجأة الرقيقة بمجرد سماع اسم والدي -رحمة الله عليه-، فهنا، يتحول كل حرف إلى قصةٍ جميلة تُنسيني كل شيء، وتسمح لناطقه بالدلال علي.

علمت أن من فاجأني هكذا بلطفه ومبادرته يعرفني جيداً، نظرت إليها ومددت يدي لمصافحتها وكأني أشعر بيد طفل.

قالت: ما تذكريني؟ لا مو معقول ناسيه؟

على الأقل اذكري عصير سن توب والفش فاش، وأنا في داخلي أردد: «وش أذكر وش أنسى كل ما كان في بقالة عم عايض الله يرحمه له ذكرى، فأنا من محبي أكل الخرابيط مثل ما كان يسميها أبوي»، مسمى دقيق فعلاً، فهي خربطت ولخبطت أجسامنا.

هنا: بدأ شريط استحضار وجوه الناس يُعرض أمامي لعلي أذكر، قلت: «أوه فلانه ذكرت يا مرحبا» يبدأ السلام بحرارة مع دموع لم تسقط، فهناك الكثير ليقال ولكن الوقت دائماً كالسيف.

تبادلنا الأرقام، أمضيت ليلتي بالتفكير في ما جرى وتتابعت عليّ ذكريات الطفولة: حينا القديم، الجيران الطيبون، الصحبة الجميلة، ما زال مذاق طعام الجيران المرسول لنا بفمي كالشهد.

أعادت مفاجأتها اللطيفة لذاكرتي كل التفاصيل الدقيقة، لم أستطع أن أنم، أحضرت ورقة وقلما محاولةً تدوين أسماء من مروا على ذاكرتي لحظتها، وياكم أذهلتني بما تحمل.

أمضيت ليلتي كطفلة فرحة بقدوم العيد، بلبس جديد، والكثير من الحلوى واللهو، أنتظر الصباح بشوق طفلٍ موعود بنزهة حتى أهاتفها، أريد أن أشعر بفرح الماضي البسيط.

بدأت أشعة الصباح تتسلل لنافذة غرفتي، أنظر للساعة وإذا بالجوال يرن رقمها، فرحت بما تحمله المكالمة من رائحة الماضي والذكريات الجميلة.

فهذه الحياة بكل ما فيها تمضي ونمضي للأجمل، تسلسل الحديث بدايةً بأحوال العائلة ونهايةً بفرحنا وفخرنا بالأحداث الحالية، فالمرأة السعودية تستحق كل ما قُدِم لها وما يُقدم الآن.

فما جاء التمكين إلا بحق مكفول عززه احتياج يدعو لتنخرط المرأة في جميع جوانب الحياة.