-A +A
أروى المهنا
غالباً ما يدور حديث برجوازي بين أروقة الأحداث الثقافية، بطله بعض المثقفين، وتحديداً المثقف الشكلي، ومن غير موعد مسبق نقرأ ما كان يدور على مواقع التواصل الاجتماعي دون الأخذ في الحسبان الرسائل التي يمكن أن تصل للشباب المطلع والقارئ. إلى أي مدى يعتبر المثقف لدينا مثقفا مسؤولا، واعياً لكلماته «تغريداته»؟! تختلف ظروف التعبير باختلاف الموقف والحالة ولكن ثمة مبادئ لا يمكن تهشيمها، هل تقدير المثقف يقتصر على طريقة الاحتفاء به؟ أعتقد أن هناك أنماط عيش معينة باتت تعكس على المثقف افتراضات سيره وما هي الصورة الواجب العمل بها! ليكون حضوره بارزاً؟ هل هذا تصرف مسؤول؟! أمام من يقرأون له ويستشهدون بأفكاره بل يحاولون تقمص شخصيته في كثير من الأحيان؟! لماذا أصبح المثقف مثقفا متأففا، مزاجيا، ومتطلبا! المشهد يستحق دراسة معمقة للشكل السلوكي الذي يقع به المثقف عمداً.

توصلت عالمة أنثروبولوجيا الثقافة مارغريت ميد إلى دراسة مفادها «أن الثقافة تؤثر في السلوك إذا وجدت، إذ إن الثقافة القائمة على التنافس تشجع السلوك على العدوان، فيما الثقافة القائمة على التسامح تشجّع السلوك على التعاون»، وعن طريق دراساتها الميدانية توصلت إلى أن أنماط الشخصية تتحدد بالعوامل الثقافية، ونفهم من خلال نمط الشخصية البرجوازية أنها ناتجة عن ثقافة تنافسية وعادة ما يكون سلوك البرجوازي سلوكاً عدائياً بطرق غير مباشرة، معترضاً ومتجهماً ومعاتباً في كثير من المواقف، يفتقر المشهد لدراسة تقف على هذه الحالة. دور علماء الاجتماع في دراسة حالة المثقف أصبح ضرورة. عوائد الدراسات الاجتماعية مهمة كونها تعرفنا على خصائص المجتمع ومشاكله ومقارنة وضعه في ظل التغيرات ما بين الأمس واليوم.


وهكذا نجد الساحة الثقافية تعاني من وجود فئتين تعززان صورا غير إيجابية للأجيال الشابة ولا تليقان بالحراك الثقافي الذي نراه اليوم، هما فئة المثقف المتأفف وفئة المثقف المبتز الذي يراهن على جدية المشاريع الثقافية ويسعى بشكل واعٍ أو غير واعٍ لهز الصورة والثقة بمستقبلنا المشرق.