-A +A
أنمار مطاوع
قد يجادل البعض؛ يتفقون ويختلفون، حول علاقة الدين بالاقتصاد أو بالسياسة أو بالرياضة.. كل حسب قناعاته وتلوّن مدارسه الفكرية والثقافية والعقدية. ولكن لا يختلف اثنان من العقلاء على أن الدين هو أساس حياة الإنسان.. وهو الطريقة التي يريد الخالق والمدبّر أن يتبعها البشر لتسيير الحياة الإنسانية. أي أنه أطر عليا تحكم حياة الأفراد.

مع التقدم الذي شهده العصر الحديث، ازدادت المغريات وسهُلت.. فهي ماثلة أمام الجميع وفي متناول يد الجميع.. والطريق إليها ممهدة ومعبدة على مد البصر. مما يعني أيضا أن مقاومتها أصبحت مهمة صعبة.. للغاية.


يرى علم النفس: أن إرضاء الرغبات الآنية أو قصيرة المدى بشكل دائم ومستمر، يؤثر بشكل مباشر على الأهداف المستقبلية للفرد؛ بمعنى أن الرغبات الآنية تبدد الوقت وتستهلك الطاقة وتسلب النجاحات من المستقبل. ولكن في المقابل، التحكم في تلك الرغبات الآنية يطوّر من الذات الإنسانية بشكل مباشر.

المتخصصون في تطوير الذات يؤكدون: أن ضبط النفس هو الأسلوب الأمثل لبناء حياة ذات قيمة ومعنى. ومن الآليات التي يوصون بها: أن يضع كل فرد مواعيد محددة للتسلية وإشباع الرغبات الآنية.. لا أن يجعلها متاحة طوال الوقت. على سبيل المثال، أن يضع الفرد وقتا محددا لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي؛ على اعتبار أن مواقع التواصل الاجتماعي هي أكثر مغريات العصر في إضاعة الوقت وتبديده؛ وهذا يؤثر سلبا على الخطط المستقبلية ككل.

مقاومة مثل هذه المغريات الآنية هي في حقيقتها مقاومة الهوى؛ وهو أصعب ما يمكن أن تقاومه النفس البشرية.. فالهوى في نهاية الأمر.. غلّاب.. ولا يستطيع أن يحكمه -في كل قوانين النفس البشرية- سوى الدين. كل ما يتحدث عنه العلم -قديما وحديثا- في موضوع ضبط النفس ونهيها عن الهوى لا يخرج عن قيم ومبادئ الدين.

إن التحكم في الذات.. ونهي النفس عن الهوى وتعلُّم مقاومتها هو ما يبحث عنه العالم. كثيرون يشدون الرّحال إلى الهند والسند والصين لتعلم ضبط النفس.. علما أن الدين في جوهره هو أساس مردّ ضبط النفس.

التركيز على الدين -كأساس حياة- في مؤسسات التعليم، سيصنع مرجعية لا تستغني عنها الأمم والثقافات الإنسانية الكبرى.. ويبني مستقبلا يحكمه العقل.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com