-A +A
علي بن محمد الرباعي
عندما بدأنا دراسة منهج التاريخ في المرحلة الابتدائية كانت المقررات تتضمن التعريف بالمملكة في أطوارها الثلاثة (الدولة السعودية الأولى. الدولة السعودية الثانية. الدولة السعودية الثالثة) فهل كان وصفُ الدولة قَدَراً أم صدفة أم أنه مدروس؟

طرح مثل هذا السؤال في هذا التوقيت يُعيدنا مجدداً لاستقراء مصطلح (الدولة) وكيف نشأ، وماذا يترتب عليه. فمفهوم الدولة يعني أنها تنظيم اجتماعي، ثم مؤسسي متجاوز لكل السلطات السابقة (القبيلة. رجال الدين) ولهذا التنظيم وظيفة قابلة للتطور في حيّز مكاني أو جغرافي به تجمّع بشري، ويحكمه قانون وأنظمة.


عندما ورث الملك عبدالعزيز تبعات ملك آبائه وأجداده في الدولتين السعوديتين، كان مسكوناً بهاجس إقامة الدولة، بحكم فطنته، وبراعته في معالجة المواقف، وكانت التحديات الداخلية تتمثل في (قبائل لها مصالح. وتيارات لها مطامح) فعمل على احتواء الجميع. سالم، وصاهر، وخلال أعوام تجاوزت الثلاثين بقليل كانت الدولة السعودية الثالثة ترفع رايتها وتعلن مبادئها، وتحتضن أبناءها وترعاهم.

ما الذي أزعج ورثة الوهم؟ لا ريب أنه عناية دولتنا بالإصلاح والتطوير المستمرين. فالقبيلة بكامل وعيها أيقنت أن الملك عبدالعزيز جاء رحمة للبلاد وللعباد، ولذا تفتدي القبائل بكامل أفرادها وطنها شأن بقية مكونات المجتمع الحضارية التي أعلنت بيعتها لحكامنا. بينما ظل التيار يحاول إرساء التخلف ومنع التنمية وإثارة الفتن في سبيل إيجاد مطاعن في الدولة والتبشير بالبديل الهُلامي.

لم يكن قادة بلادنا بمعزل عن إقامة مؤسسات الدولة. وتمكين الشعب من التعليم، والتجارة، وإشراكه في بناء وطنه وإدارة شؤونه. ولم تكمل الدولة القرن الأول حتى رسّخ عهد الملك سلمان وولي عهده مفهوم الدولة الوطنية. ما قض مضجع الشانئين.

لم ينتبه أنصار الغلو عبر التاريخ لوصف (الدولة السعودية) الذي تأصّل على مدى 300 عام، فالسعودية دولة. وليست إمارة ولا ولاية ولا إمبراطورية ولا خلافة بل هي نموذج أرقى، حظي بالتحديث المستمر، والتغيير حين احتاج الكيان للتغيير.

السعودية دولة قامت على أرض هي مهد الديانات السماوية الثلاث. وجغرافيتها تحتفظ بآثار حضارات لها معتقداتها وأساطيرها، كما أنها منبع الحضارة العربية الإسلامية. وكل هذه المعطيات تعزز في وجداننا معنى أن السعودية (دولة)، والثالثة ثابتة بقدرة الله وقوته.