-A +A
مها الشهري
هناك أحداث ومواقف تعيد النظر إلى نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية الذي لا زال عالقا منذ أربعة أعوام، رغم الحاجة الماسة إلى تفعيله دون أي عذر للتأخير، والملاحظ أن الكثير من الناس أصبحوا على درجة من الوعي بالطريقة التي تؤكد أنه لا فرق بين أبناء الوطن الواحد بالإلحاح والتوكيد والرفض العام لأي نوع من الإساءة التي تنشر الكراهية وتميز بين الناس بشكل رجعي، وحينما يرفض الضمير الشعبي مثل هذا الأمر ويستهجنه وينكر فعله فهذا يعني أن المجتمع أصبح واعيا متطلعا للعيش في متطلبات الحاضر وتطلعات المستقبل، وهذا السلوك الجمعي يشكل أهم السمات الحضارية التي يريد الناس الاتجاه نحوها والعيش تحت ظلها، فالدولة الوطنية والشعب المتلاحم وفق فكرة الوحدة ومعطياتها قد أثبتت عبر التاريخ أنها ملاذ المجتمع وجوهر أمنه.

حينما يدرك الفرد أن انتقاصه للغير قد يعرضه للمساءلة والعقاب فهذا بحد ذاته سيساهم في صياغة الثقافة القانونية التي تنظم التعاملات حتى تصبح قيمة أخلاقية ومبدأ ثقافيا في الحياة الاجتماعية، وهذا ما يفسر دور الأنظمة وضرورة تطبيقها في صياغة الخلق الاجتماعي والثقافي وفق القوانين التي تنظم السلوك وتسير بالمجتمع نحو التحضر.


إن انتقص أحدنا من الآخر لمبررات الانحياز ضد العرق أو المذهب أو العقيدة أو الجنس، فلا يعني ذلك أن الانتقاص تعبير صادق ومنطقي يصف حقيقة وجود النقص بتلك المبررات، فالمشكلة التعصبية هي من تحرض على البحث عن وجوه الاختلاف التي يعتبر وجودها ضرورة أكثر من كونها نقصا، وهي من تبرر وجود مثل هذه الأفكار وتقوم على صياغتها في التعاملات الإنسانية كأخطر الأمراض التي تهدد الاستقرار ووحدة المجتمع، وبذلك فإن الاستعجال على سن النظام يحمي مكتسبات الوعي تجاه هذه الفكرة ويقوم على تعزيزها ويخلق بدوره التغيير الذي نتطلع إليه.

* كاتبة سعودية

ALshehri_maha@