-A +A
حمود أبو طالب
في اعتقادي أن ردة الفعل القوية الشاملة ضد الكلام الرديء الذي قاله أحد من يوصفون بمشاهير السوشيال ميديا عن الاختلاط في مواقع العمل تعكس غضب المجتمع من محاولة ذلك الشخص القدح في قيمه وأخلاقه بمثل تلك الصيغة المتمادية في إسفافها وبذاءتها، لا سيما وهو مجتمع قد تم تشويهه كثيراً في السابق بمقولات تصوره شهوانياً همجياً متفلتاً تسوقه غرائزه دون ضوابط، مقولات اخترعها وتبناها وكرسها فصيل كان قادراً على نشرها وغرسها في أذهان الكثير، وكان صعباً على المجتمع آنذاك مواجهته وردعه عن الإمعان في إساءاته وتعدياته، لكن عندما تغيرت الظروف أصبح المجتمع قادراً على الثأر لأخلاقه وقيمه ومبادئه وفطرته السوية من المشوهين الذين حاولوا تلويثها.

هذا الشخص يمثل بوقاً واهناً لذلك الفصيل الذي يخامره الآن حنين جارف إلى تلك الأيام التي كانوا يشكلون فيها حياة المجتمع وفق نظرياتهم وآرائهم الشاذة، لقد أدركوا أن القطار تركهم وحيدين في محطتهم فلم يعد لهم سوى محاولة التذكير بأنفسهم بشكل غير مباشر من خلال بعض الحمقى، إنها محاولة بائسة لتسجيل موقف ضد المجتمع الذي خذلهم وأثبت تهافت مقولاتهم وزيف ادعاءاتهم بممارسته لحياته الطبيعية دون حدوث أي من الكوارث التي كانوا يحذرون منها.


ألم يقل بعضهم أن الأرصفة ستمتلئ باللقطاء عندما يعمل الذكور والإناث في مكان واحد كالمستشفيات وغيرها، ألم يهددوا مسؤولين علناً ويعتدوا على مقرات عمل بسبب المفهوم الجهنمي للاختلاط في أذهانهم. حسناً، لقد امتلأت الآن مقرات العمل بالفتيات إلى جانب زملائهم، واختفت الوصاية الأخلاقية في الأماكن العامة، وحضرت العائلات في الملاعب والحفلات والفعاليات الترفيهية، وقادت السيدات السيارة، ولم يحدث شيء مما حذروا منه، لأنه بالإضافة إلى القوانين التي استحدثت فإن الغالبية العظمى من المجتمع أثبتت أنها تتصرف بأخلاق إنسانية سوية، أما القلة القليلة الشاذة الموجودة طبيعيا في أي مجتمع فإن القوانين والأنظمة كفيلة بردعها وحماية الأسوياء منها.

لا تلتفت أيها المجتمع السعودي النبيل إلى مثل هذه الكائنات المشوهة التي لا تستحق أدنى اهتمام، واصل حياتك الطبيعية لأنك جدير بأجمل حياة، وأمامك استحقاقات أهم من الانشغال بهكذا تفاهات.