-A +A
حمود أبو طالب
هناك حديث عن احتمال إجراء تعديلات في نظام الخدمة المدنية تسمح لموظفي الدولة بممارسة التجارة والعمل في القطاع الخاص، بحسب ما نشرت «عكاظ» يوم قبل أمس، وبالتالي يبدو أن هذا الموضوع القديم الذي يتجدد الحديث عنه بين وقت وآخر أصبح يقترب من نقطة الخروج إلى الواقع، وربما نفاجأ في يوم قريب بأنه أصبح قيد التطبيق.

والحقيقة أنه لو تم إقرار ممارسة موظفي الدولة للتجارة بأي تنظيم وبأي ضوابط فإنه لا يعدو عن إزاحة الستارة عن ممارسة معروفة وشائعة لدى كثير من الموظفين، من ذوي المراتب العالية والصلاحيات المهمة على وجه الخصوص، والمجتمع يعرف أن هؤلاء يمارسون التجارة بأسماء أقاربهم من الدرجة الأولى أو شركاء لوضعهم في الواجهة، بينما صاحب المنصب هو من يدير التجارة فعلياً ويضمن لها الصفقات والمنافسات والمشتريات والمشاريع.


الذين يؤيدون هذا التوجه يقولون إن ذلك يتيح الاستفادة من الخبرات والمهارات العالية لدى موظفي الدولة في المساهمة بالناتج الوطني وزيادة الدخل لدى موظفي الدولة، مع وضع ضوابط صارمة لتقنين عملهم في التجارة والقطاع الخاص، بينما يرى المعارضون أن في ذلك تعارضا في المصالح، وأن المعلومات التي يمتلكها موظفو الدولة حساسة وغير متوفرة لدى الجميع ما يدفع لاستغلالها للفوز بالمناقصات الحكومية وانتفاء العدالة في التنافس، إضافة إلى استهلاك وقت وجهد الموظف خارج الوظيفة وأثره على تدني الإنتاجية.

في كل الأحوال، ومهما كانت المبررات لشرعنة تجارة موظفي الدولة، ومهما وضعت لها من ضوابط، فإن ذلك سيُحدث خللاً كبيراً لا يمكن السيطرة عليه. الوظيفة العامة لها أخلاقياتها وضوابطها وقوانينها في كل العالم، ومن أهمها عدم خلط العام بالخاص، والاستفادة من الموقع الحكومي لتحقيق المصالح الشخصية، ولو تم إقرار هذا التوجه، وهو ما لا نرجوه، فإننا سنكون إزاء شكل من أشكال الفساد الكبير تتم ممارسته وحمايته تحت مظلة النظام.