-A +A
علي بن محمد الرباعي
عندما يقع فعل يتذمر منه أرباب الفِطر السوية. تدفع الغيرة بعضنا للإنكار، وأعرف بعض الصادقين سريعي البكاء عند مشاهدة تصرف غير أخلاقي. يبادر ويسأل الله أن لا يوقعه الجهل به أو بالقيم الأخلاقية موقع الزلل أو يضعه موضع التندر والسخرية والنقمة والتشنيع من ناس لا يرحمون.

مجتمعنا بشري فيه الصالح وفيه الطالح وفيه من يخلط عملاً صالحاً بآخر سيئ ورحمة الله واسعة. التجاوزات الأخلاقية تعد شذوذاً عن مبادئنا وسلوكياتنا ومحل رفض عند الأغلبية إلا أن المثير للجدل هو كيف تقرأ الأطياف والتيارات الفعل الفاضح.


الوطني المنتمي يرى أن سيئ السلوك والخُلق لا يمثل إلا نفسه. ولا يحسب سوء سلوكه على أسرته التي ربما تكون مضرب مثل في حسن الخلق ولا على مدرسته ولا على المسجد كما أنه لا يحسب على الوطن ولا على قيادته.

بالطبع الوطني يتطلع لتشريع المزيد من الأنظمة الصارمة لمعاقبة أي تجاوز منحرف أو فعل فاضح، وإضافة عقوبات على كل من يستفز المجتمع، أو يتطاول على معتقداته. لكنه لا يستبعد أن يتبنى بعض الحزبيين (شاذين وشاذات) يستقطبون بالمال في سبيل القبول بارتكاب فعل فاضح لتشويه صورة التحولات. (هذا وارد ممن إذا خاصم فجر)!

الحزبي بالطبع يحمّل أخطاء الأفراد على الدولة، علماً بأنه لم يثبت في تاريخ الإسلام (لا تاريخ المسلمين) أن حُسبت جريرة فرد على المجموع أو جُيّر سوء الجزء على الكل. إلا أن العداء الحزبي للوطن يُعمي ويُصِمّ. ولا غرابة أن تتسع حدقات الحزبيين والمتعاطفين في كل مناسبة فرائحية لالتقاط ما يشوّه المشهد. وتضخيم جهالة طائش أو طائشة لتجييش مشاعر الناس ضد قيادة هي أوّل من ينكر المنكر، وتوجه بمعاقبة الفاعل والمتسبب. ولا تُقرّ صفاقة سفيه أو سفيهة، فالجميع يرفض التصرف المنحط، والسعوديون بفطرتهم السوية أنقياء عقيدة وعبادة وسلوك دون حاجة لوصاية الإخوان والسروريين وفلولهم.

أما المستقل فهو أقرب للحياد في تقييمه لما يقع. فيعزو قِلة أدب شاب أو فتاة إلى حالة الكبت التي حشدت عواطف أجيال وهيأتها لردة الفعل وإغاظة الأوصياء والمحتسبين. وهو يرى أن القوانين والأنظمة المعنية بالسلوكيات والذوق العام لا بد أن تكون صارمة. وتطبق على الجميع. ومع مرور الوقت وتسامع الناس بتأديب من يعكّر صفو الوداد والصفاء المجتمعي سيحسب كل فرد لكل تصرف ألف حساب.