-A +A
خالد السليمان
ليست المرة الأولى التي يثور فيها الشيعة في العراق ضد سلطة الحكم، لكن ربما كانت المرة الأولى التي يثورون فيها ضد سلطة شيعية، كان الشيعة في السابق يرفعون شعار المظلومية المذهبية في مناهضتهم لأنظمة الحكم السابقة رغم علمانيتها، حتى جاء الاحتلال الأمريكي ليكرس نظاما هيمنت عليه الأحزاب والمليشيات الطائفية وخضع لتأثير المرجعية المذهبية، فلا وجد العراقيون الشيعة العدالة ولا الرفاهية !

لم تكن القضية مذهبية النظام بقدر ما كانت فساد السلطة، فالشيء الوحيد التي توارثته أنظمة الحكم في العراق هو الفساد على اختلاف مذاهبها !


اللافت في ثورة الشعب العراقي اليوم هو غياب التمايز المذهبي بين المتظاهرين، فالعراق الذي بدا طيلة سنوات وكأنه منقسم بين الشيعة والسنة عاد اليوم لينصهر في هوية عراقية مظلوميتها وطنية، تثور على سلطة فاسدة تتمترس بالمذهبية، وتناهض تبيعية إيرانية مذلة !

العراقيون اليوم وخاصة المواطنين الشيعة لا ينتصرون لمعيشتهم وحسب، بل هم يصدرون شهادة ضد كل الذين تاجروا بمظلوميتهم وتاجروا بالمذهبية لشراء السلطة، وكشفوا عن أنهم لا يقلون فسادا واستغلالا عمن سبقهم !

أما إيران فقد أسقط في يدها، فدماء المتظاهرين العراقيين تسيل في كربلاء حيث سالت دماء الحسين، ولم يعد مجديا استدعاء فزاعة الإرهاب السني، كما أن أدواتها في النظام السياسي تعيش حالة إرباك والأرض تهتز في بيئتها المذهبية الحاضنة !

العراق اليوم يحيي الأمل من جديد بأن الهيمنة الإيرانية لا تملك مقومات البقاء للأبد شأنها شأن أي محتل لا بد وأن يطرد وإن طال بقاؤه، وصلات العراقيين ببعضهم متجذرة رغم كل الرياح الطائفية والعرقية التي هبت على البلاد !