-A +A
عبداللطيف الضويحي
لا أحد يمكنه التنبؤ بسلوك وتصرفات جامعة الدول العربية والقائمين عليها وعلى تحقيق أهدافها. أوفدت الجامعة العربية أمينها العام في الأزمة السودانية إلى الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس السابق للتوسط بين المجلس العسكري والحراك الشعبي آنذاك، مما أثار حينها ردات فعل منتقدة دخول الجامعة العربية على خط وساطة الاتحاد الأوروبي والأثيوبي، ناهيك عن الانتقاد الحاد لتأخر تدخل الجامعة العربية.

في المقابل، تغيب جامعة الدول العربية إعلاميا وسياسيا وتنمويا وإنسانيا عن أغلب الأزمات الحالية، وفي مقدمتها الأزمة اللبنانية والعراقية والجزائرية وغيرها الكثير الكثير من الأزمات العربية.


من المستغرب أن الجامعة العربية لم تجد نفسها ولم تعرف أهمية دورها حتى الآن ولم تجد دورها الحيوي الذي يلتقي مع حجم التطلعات العربية وينسجم مع تاريخ هذه الجامعة من خلال كل ما جرى ويجري في المنطقة العربية.

لم تتعلم الجامعة العربية حتى الآن من كل الدروس السابقة التي عصفت بالمنطقة. لقد فشلت الجامعة العربية بأن تقوم بالحد الأدنى من دورها بحيث لا تصطدم بما يتعارض مع سياسات الدول الأعضاء.

لماذا لم تفرض الجامعة العربية نفسها لاعبا عربيا وإقليميا على غرار المنظمات المماثلة لها، لماذا آثرت الانزواء والانسحاب والنأي بالنفس؟

صحيح أن حدة الخلافات بين بعض الأعضاء في بعض القضايا تكون عائقا في اتخاذ مواقف مشتركة أو تبني مشروعات عمل عربي مشتركة، لكن هذا لا يعني أن تنسحب الجامعة العربية وتنزوي.

ليس المطلوب دائما أن تعمل الجامعة العربية بنسبة اتفاق 100%، ولا حتى بنسبة اتفاق 50%. قد تجد الجامعة صعوبة بالموافقة والاتفاق على بعض المواقف وبعض المشروعات، لكن هناك بالتأكيد مواقف ومشروعات يمكن تحقيقها والعمل عليها وتنسجم مع مواقف الدول الأعضاء بنسبة 10% أو 20% أو 30%. ما الذي يمنع جامعة الدول العربية من العمل على المواقف التي يكون عليها إجماع بنسبة 1% أو 10% أو 15% وتترك ما ليس عليه إجماع. على افتراض أن سبب انسحاب الجامعة العربية من المشهد السياسي والتنموي والإعلامي والإنساني العربي هو بسبب الخلافات بين الأعضاء أحيانا حول بعض القضايا.

لكن مشكلة الجامعة العربية في تقديري هو فقرها للأفكار الناتجة عن فقرها للعقول النشطة والمنتجة للأفكار. الجامعة العربية بحاجة إلى خلية أزمات تكون قادرة على إنتاج الأفكار وإنتاج أساليب تطبيقها في حدودها العليا.

الجامعة العربية بحاجة إلى ترتيب أولوياتها، واستقطاب العقول العربية المبدعة وتمكين تلك العقول من تشخيص كافة المشكلات العربية، بدلا من تكديس موظفين أكل عليهم الدهر وشرب. على الجامعة العربية إعداد سيناريوهات لحلحلة الأزمات الكامنة في الوطن العربي، والأزمات العربية - غير العربية. على الجامعة العمل بجدية على الحد الأدنى والحد الأعلى من الممكن والضروري، ولم يعد مقبولا أن تبقى الجامعة العربية جزءا من المشكلات العربية بدلا من أن تكون جزءا من الحلول.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org