-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
لبنان الجمال، لبنان الفن والطرب والكلمات الحلوة، لبنان الموضة والشياكة التي لا تتوقف على الوجهاء وأرباب الفن والأغنياء، تجده يعمل في النهار تحت سيارة ملطخاً بالزيت وسواد آتٍ من مخرجات العمل، تستلم سيارتك من عنده ويقول لك "شو يا زلمة شوها السيارة الأنيقة أكيد تبعت إنسان شياكة بيعرف كيف «بينئي» يا الله ياعم هيدي سيارتك صارت مثل العروسة، وما بتليق إلا إلك"، وتقول له "كم المصاري المطلوبة" يرد "لو خليها علينا هالمرة" ترد وكأنك مصدق "لا والله ما بيصير"، فيقول لك "كلها 500 دولار، عشان عويناتك"، وتدفع عن طيب خاطر، وانت بتضحك رغم أن التكلفة لا تزيد على 200 دولار، والحقيقة أنت تدفع الباقي للكلام الحلو الذي أرضى غرورك وغريزتك، تخرج بسيارتك وتقول في نفسك "والله يستاهل هذا الشاب المسكين"، الساعة الآن السابعة مساءً وهو من سيارة لسيارة لبسه كله زيت وشعره ملطخ وعلى وجهه علامات كثيرة، تؤكد حجم صعوبة عمله وتعامله مع أدوات أقل ما يقال فيها إن لها عداءً مستفحلاً مع أدوات التنظيف، الله يعينه هذا بدو وقت طويل هذا إذا وصل للبيت بساعة أو ساعتين مع عجقة السير.

المهم يلا أنا مالي وماله وتروح البيت تتشيك على سنقة عشرة وتروح المطعم الشهير الذي يقدم أفضل الأطعمة مع أجمل المقبلات من موسيقى وأغانٍ وتفاجأ بشاب أنيق يلبس آخر موضة تغار منه وعليه من شياكته يترك قيثاره وينزل من على المسرح من بين الفرقة الموسيقية ليقدم إليك ويسلم عليك بحرارة وطبعاً تقوم باهتمام لتسلم على هذا الشاب الفنان، وبنفس الوقت تقول "تشرفت من معي؟"، يرد عليك "ولو. نسيت؟"، وتمد لسانك من البلاهة والاستغراب وتسأل نفسك "هذا عبيط ولا شكله كذا"، ترد "سامحني ما تذكرت". يرد "شو من شي ساعة بس كنَّا سوا كيف السيارة معك ماشية منيح؟"، هذا هو لبنان العمل الجاد الروح الحلوة والشياكة التي ليست حكراً على فئة المال والأعمال. هذا هو لبنان قبل أن يختطفه حزب الله ومليشياته ومن يسير في ركبه.


لقد أذاق لبنان الأمرين الجوع والخراب، كان لبنان يلبس موضة العام القادم في العام الماضي، أصبح معظم اللبنانيين لا يعرفون منها إلا أخبارها، دمر حسن نصر الله اقتصاد لبنان وسلامه وجماله. لقد شوش علاقاته بأصدقائه، استقوى بالسلاح على كافة أطياف لبنان. يدعي أن ما يقوم به لصالح لبنان ولكن يدين بالولاء لخامنئي فهو قائدهم وسيدهم، مين يعرف يمكن الخامنئي أبوه من أصل لبناني ومخبي. بنفس الوقت انهال على دول الخليج سبًّا بأسوأ العبارات، وخص المملكة بحزمة من الشتم تتماهى مع أخلاقه وكان النأي بالنفس حاضراً من بعض القوى السياسية إلا من كلمات خجولة، ما عجزت عنه الطبقة السياسية وما أفسده العطار هبَّ الشعب اللبناني ليصلحه ومع هذا المشهد أقول الصبر ليس جميلاً دائماً، ولبنان غالٍ وشعبه أغلى، ولكن أين نحن من خريطة قلبه؟ لن يكون اهتمامنا بلبنان أكثر من أهله فلينقوا شوكهم بأيديهم ويصححوا وضعهم فقد اكتفينا ونحن نعمل الخير ونقابل بالنكران، فلتوقف دول الخليج أي دعم لخزينة لبنان، فدول الخليج أصبحت بقرة حلوبا لأفواه لا تحمد ولا تشكر.

ولتمنع مواطنيها من السفر إليه وليحكم لبنان حزب الشيطان وزبانيته وليرونا شطارتهم. وعلى من له دور أن يعلم أن زمن العطاء المقابل بجفاء وضعف المواقف قد ولى ولا بد أن تقلم أظافر حزب الله، ويجرد من السلاح وإلا فلندع الشفقة جانباً، عذراً شعب لبنان العظيم، ولكن لا بد للطاغوت أن يرحل، كل هذا لن يحدث إلا إذا رأى المجنون أن قُرصه أصبح في مهب الريح وعليه أن يعقل.