-A +A
علي فايع
لفت انتباهي كمتابع للشأن الثقافي في السعودية أن مؤسساتنا الثقافية لم تعد قادرة على اكتشاف المواهب ولا تقديمها من خلال منابرها الثقافية بالشكل المنتظر والمأمول!

كما لفت انتباهي أيضاً أنّ هذه المؤسسات الثقافية أصبحت عالة على الحركة الثقافية التي كانت نشطة، تشرع أبوابها للمبدعين والمهتمين، وتعمل جاهدة على التعريف بالأدباء وإبرازهم من خلال منصاتها الأدبية.


اليوم تغيرت أشياء كثيرة، وأظنها سُنّة الحياة التي علينا التسليم بها؛ لا الاستسلام لها، فنحن بحاجة إلى إعادة التفكير في التعاطي مع المشهد الثقافي بشكل مختلف، وكذلك مع المؤسسات الثقافية، فلا نكون كمعنيين بالشأن الثقافي مجرد صدى لإبداعات الآخرين ومبادراتهم،لأسباب منها أننا كسالى لا نتابع الساحة الثقافية ولا نساهم في تحريك مشهدنا الثقافي والتأثير من خلاله.

علينا أولاً الاعتراف بأنّ المؤسسات الثقافية كانت فيما مضى الملاذ الأبرز للشعراء والأدباء الذين كانت الصحف والمنتديات تضيق بهم لكثرتهم، وحتى الكتب التي كان جلّ المفيد منها ممنوعاً!

وعلينا التأكيد اليوم على أن هذه المؤسسات الثقافية لم تعد المُبادِرة في صناعة فعل ثقافي، بل تحولت إلى محطات لاستقبال الفائزين بالجوائز الأدبية وتوديعهم، على اعتبار أنّ استضافة الفائزين بهذه الجوائز وإقامة فعاليات مختلفة ومتعددة لهم عمل يقدّم المؤسسة على أكمل وجه، مع أنه في نظر المتابع الجيد والمنصف انتقاص من دور المؤسسات الثقافية وتقليص لأولوياتها.

لا شك أنّ الزمن تغير وأنّ المتنفس الوحيد لم يعد جاذباً لأسباب كثيرة ربما كان من أبرزها الكسل الثقافي الذي (عشعش)على إدارات وأعضاء هذه المؤسسات الثقافية بعد أن تحولت من وجهات ثقافية إلى وجاهات اجتماعية.

ولكي لا يكون هناك ظن سيئ بما كتب أعلاه فسأكون شفافاً وأقول إنّ الدعوات التي تتسابق على توجيهها المؤسسات الثقافية لدينا للفائزين الثلاثة بجائزة عكاظ في الشعر الفصيح دليل على تقصير هذه المؤسسات في دورها تجاه المبدعين، فلو كانت هذه الدعوات والاستضافات قد قدمت لهؤلاء الشعراء الثلاثة قبل فوزهم بالجائزة لكان وقعها كبيراً وأثرها بارزاً، ولكنّ ما حدث كان العكس، فقد أصبحت هذه المؤسسات الثقافية تعيش على أمجاد الآخرين ومبادراتهم؛ لذلك افتقدنا المهمة الأبرز لهذه المؤسسات في اكتشاف المواهب الإبداعية وتقديمها.

ما يحدث اليوم أننا نمر بحالة من البرود الثقافي جعلت مؤسساتنا المعنية بالأدب والأدباء تنتظر الجوائز وما تسفر عنه، لتقديم مبدع أو استضافة شاعر أو ناقد أو حتى مثقف له إصدارات معروفة ومقروءة.

alma3e@