-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
الشاعر أبو فراس الحمداني الفارس المغوار والشاعر الذي لا يشق له غبار، له في الغزل قصة وله في ميدان المعارك قصص، قال في الغزل الكثير وتطرق في شعره إلى معظم النواحي الإنسانية، أما قصيدته وللناس في ما يعشقون مذاهب، فقد قال فيها أبياتا بديعة ومنها:

أبيت كأني للصبابة صاحب


وللنوم مُذ بان الخليط مجانب

وما أدعي أن الخطوب تخيفني

لقد خبرتني بالفراق النواعب

وما هذه في الحب أول مرة

أساءت إلى قلبي الظنون الكواذب

علي لربع العامرية وقفة

تمل علي الشوق والدمع كاتب

ومن مذهبي حب الديار لأهلها

وللناس في ما يعشقون مذاهب

ونحن كسعوديين نحب الديار لأهلها قادة كرام وشعب وفِي وأرض معطاء وفي يومنا الوطني تجلى الحب والوفاء بأبهى صوره فكانت ملحمة صاغها أبناء هذا الشعب النبيل بشيبه وشبابه وأطفاله تتردد على شفاههم الجمّ من العبارات كل عام والوطن بخير. ووطن غير.

وكل عام وأنتم بأمن وسلام. نعم وطن غير وأنا سعودي وأفتخر، ففي ديرتي بيت الله الحرام الذي تهفو له القلوب قبل الأجسام وإلى مكة تنطلق قوافل الحج لتستوفي الركن الخامس للإسلام وخلال العام تعمر مكة بالمعتمرين من كل فجاج الأرض. كما أن بلادي شرفت بأنها تضم مسجد رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم الذي بعد مكة تشد إليه الرحال في حب غامر ووله عامر وقبر رسول الهدى يطيب طيبة الطيبة، فبين منبره صلى الله عليه وسلم وقبره روضة من رياض الجنة، كما في وطني شرقه وغربه وشماله وجنوبه ووسطه تتعدد العادات والتقاليد ويتفرد كل جزء بتراث ثري من الآداب والفنون من أداب وفلكلورات ورقصات شعبية كل له إيقاعه الخاص وبكل ذلك التنوع هناك حالة خاصة يجمع عليها الشعب السعودي ألا وهي عشق الوطن، فنحن نهيم بكل بقعة من أرضنا فأما عن صحرائه فحدث ولا حرج، فقد تغنى بها الشعراء، وأفاض في وصفها الأدباء ونحن لنا عشق بها لأديمها النقي والسماء الزرقاء الصافية بنجومها وقمرها البديع وهو يتجلى بصفائه هلالاً ثم بدراً، فيأسر الألباب ويلهم الشعراء فيفيضون بإبداعاتهم.

وذلك النسيم العليل الذي تخاله ينطلق من مسام حدائق غناء لم تلمسها يد، بل هي بقدرة الله بنت الطبيعة التي جادت عليها بالتربة النقية وزخات هتان بين وقت وآخر، يختلط بها فتنبت منها أنواع مختلفة من الخضرة المكللة معظمها بأنواع الزهور التي يتسيد ساحتها زهر النفل والعضيد بلونهما الأصفر الجميل والخزامى بلونه البنفسجي أو الأحمر البهي، فإذا قدمت ولأول وهلة تخيل لك أنك تشاهد سجادة من الحرير الخالص لكن بعبق عطر إلهي. وآه على تلال الرمال التي كأنها أمواج من بحر ولد في الصحراء، من رحم الخيال وإذا تجاوزت هذا الإبداع الذي يأخذ بالألباب ويأسر الأنظار فينداح العشق من العين إلى القلب فينطلق اللسان بالبيان، من نثر وشعر تدثر بتلك اللوحة التي خلقها الرحمن فاستكانت الطبيعة لأمره، فأينعت وفاضت بمخزونها الجمالي بدلال الغيد على العاشق الولهان هذا بعض من وطني أفلا أهيم به عشقا وللناس في ما يعشقون مذاهب؟