-A +A
علي محمد الحازمي
طالعتنا صحيفة «عكاظ» في عددها 19372 بتاريخ 10 سبتمبر 2019 بخبر صادم وهو استقالة 76 طبيباً وممرضاً خلال ثلاثة أشهر في واحد من أكبر مستشفيات جدة والمملكة ككل. حاولتُ أن أكتب عن هذا الخبر منذ إعلانه ولكن من باب الإنصاف قلتُ يجب أن أعطي المتحدث الرسمي لوزارة الصحة وقته لكي يشرح لنا ما قامت به الوزارة حيال هذا الأمر، ولم أكن أتوقع أن لسان حال الوزارة يقول: «مع السلامة الباب يفوت جمل» !

هذه الاستقالات المتكررة أو التقاعد المبكر ليست جديدة وإنما تتكرر منذ عدة سنوات وفي وزارة الصحة تحديداً، لذلك أياً كانت أسباب تلك الاستقالات من تجميد سلم الكوادر الصحية أو البيروقراطية التي تمارس داخل أروقة تلك المستشفيات، الأمر الذي أدى إلى إشغال الكادر الصحي عن مهامهم الرئيسية المتمثلة في خدمة المرضى أو غياب البيئة العملية الجاذبة والتحفيزية التي من شأنها أن تزيد من الضغط النفسي والإحباط للكادر الصحي في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو حتى العروض المغرية التي يقدمها القطاع الخاص أو المستشفيات الحكومية غير التابعة لوزارة الصحة. بعيداً عن كل الأسباب السابقة، يبقى السؤال المهم هو: لماذا هذا الصمت (المريب) في وزارة الصحة على الرغم من معرفة ما وراء هذا الهروب الجماعي؟! لماذا نجحت المستشفيات الحكومية التي لا تتبع لوزارة الصحة في كسب ولاء موظفيها على الرغم من ضغط العمل لديهم؟!


هل يمكننا أن نذكر حجم المبالغ التي دفعتها الدولة من مخصصات للقطاع الصحي على مدى السنوات العشر الماضية؟ أليست هذه المبالغ تناهز الألف مليار؟! فلماذا إلى الوقت الحاضر لم تتمكن وزارة الصحة من خلق بيئة تحفيزية جاذبة تجعل الموظف يدين بالولاء ويشعر بالانتماء للمستشفيات التي يعمل بها؟.

من الملاحظ قيام وزارة الصحة بمبادرة تهدف إلى قياس رضا المرضى وذويهم إلا أنها تناست بقصد أو بغير قصد ما يجب التركيز عليه وهو قياس رضا الكادر الصحي عن بيئة العمل التي يعملون بها!

السؤال الذي يطلّ برأسه حاداً وموجعاً كمشرط: لماذا وزارة الصحة تغيّب الآليات التي من شأنها قياس الرضا الوظيفي للعاملين فيها على وجه العموم وفي المستشفيات الحكومية على وجه الخصوص؟

هل لأنها تعلم، في ظل وجود مؤشرات لقياس الرضا الوظيفي للعاملين بوزارة الصحة، ستنكشف وتصدمها الحقائق الموجعة؟!

* كاتب سعودي

Alhazmi_A@