-A +A
علي محمد الرابغي
سبعون عاماً عشتها طولاً وعرضاً وبأدق تفاصيلها شاهداً على هذا الوطن ومجريات الأحداث فيه.. وللتاريخ إنصافاً وتخليداً لهذه الذكرى التي بكل عام تلد معطيات جديدة.. تتمحور كلها في بؤرة هذا الوطن.. وتتماهى حباً ووفاءً لهذا الوطن الذي نعيش على ثراه ونستنشق هواه.. ونعيش معطيات الزمان والمكان.. هذا الوطن الذي ميزه الله فوق كل الأوطان.. بأن شرفه بأطهر بقاع الأرض قداسة وطهراً.. بيت الله العتيق منذ عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إذ يرفعان القواعد لهذا البيت الذي كان وما زال شاهداً للعصر.. وتتوالى الحقب والأزمنة ويظل البيت العتيق شامخاً يبث في مواطني هذا البلد وكل حاج وكل معتمر معنى ثقافة ترتفع بمعطيات الإيمان الروحي التي لا تتوفر إلا في هذه البلاد.. بأن منَّ الله عليها وجعلها قبلة لشتى أصقاع الأرض.. ولعمري فإن هذا الشرف العظيم لا يدانيه أي مجد وأي شرف.

ومسجد الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم المركز الذي انطلقت منه الرسالة وعمت أرجاء العالم تحمل البشرى والطمأنينة ودواعي النصر.. إيماناً ينبثق من الداخل يغذيه حباً وتطلعاً للارتقاء سمواً في سماوات علياً.. تنشد العزة والتفوق من خلال كتاب الله العزيز واتباع سنة الهادي البشير.


لعل في مقدمة المنن على هذا البلد الكريم أن قيَّض الله له عبدالعزيز منذ نحو مائة عام.. كان طموحه وأهدافه التي ارتسمت خطاها على أرض الصحراء لتسجل تاريخاً ناصعاً.. عززه عبدالعزيز بأن لمَّ الشمل ووحَّد هذه الأراضي المباركة.. فصنع «معجزة التوحيد» وحصد شعبه الأمن والاستقرار والتنمية.. وتعد تلك الفترة وما أعقبها.. والتي شكلت تاريخ وشكل المملكة من أهم الفترات في تاريخ الجزيرة العربية بل والمنطقة كلها.. وجاء من بعده أولاده البررة الذين جعلوا خدمة الحرمين شرفاً لهم.. وتوالت السنين وفي كل عام نشهد رصداً لمعطيات جديدة تسمو فوق سابقتها في تماهٍ وحب وولاء لهذا الوطن ومليكه وولي عهده.. حباً سكن بين الضلوع في قلوب الصغار قبل الكبار.. ولقد استرعى انتباهي كيف أن الفرح قد ارتقى بمشاعر الصغار فأخذوا يتسابقون في طرح قدراتهم التعبيرية لتعزيز الحب لهذا الوطن الكبير.. ولقد وقفت أمام صورة من الحب والولاء أمام اثنين من الأسباط نواف فواز الغانمي وعبدالله طالب الجحدلي.. لقد كانت العفوية والتلقائية هي أصدق دليل على الحب والولاء لهذا الوطن.. أحسب أن هذه ثقافة قد أشاعتها بيننا ظروف الهدف الواحد وهي إحياء الذكرى العزيزة الخالدة عبر 89 عاماً.. كل عام يأتي يجتهد في إحراز التفوق في الإعراب عن الحب الحقيقي لهذا الوطن.

وتأتي احتفالات هذا العام (غير) فهي مختلفة في شتى الأبعاد.. وأحس بها البعيد دون القريب.. ولعل هذا الحب الذي أشاعه هذا اليوم يبعث فينا جميعاً الصغير والكبير والشيخ الذي شاخت به الأيام في ظل هذا الوطن وظل أمجاده.. يجمعنا جميعاً على الإخلاص والحب والتفاني في خدمة هذا البلد وصيانة معطياته ومكتسباته.. التي هي في واقع الأمر الثروة الحقيقية لهذا الشعب وأبنائه.. وكل عام ونحن حماة لهذا الوطن أمناء لقادته.. نعيش وكلنا أمل وطموح بأن تأتي السنة القادمة وهي أحلى وأجمل من سابقتها.. تأتي واعدة بمعطيات جديدة تعزز الحب لهذا الوطن وترفع من مكانته بين دول العالم.

تحية واجبة للمرابطين:

يأتي هذا العام ونحن نشهد تفشي العداوة لهذا الوطن من جنوبه وشرقه.. تنبعث في دواخل هؤلاء الحاقدين من الإيرانيين ومن أتباعهم من الحوثيين..الذين لا يألون جهداً في استهداف هذا الوطن الكبير بأهله ومليكه وولي عهده المخلصين.. والمرابطين ورجاله المخلصين على الحدود يقفون وقفة رجل واحد في وجه كل من تسول له نفسه أن ينال من كرامة هذا الوطن ومواطنيه.... لعلي وفي هذه المناسبة بعد عام إن شاء الله قد نجدهم وقد خسف الله بهم، وهذا بعد الاعتماد على الله لا يتأتى إلا بوحدة الانتماء.. وأن نشمر عن السواعد كلٌ في مكانه وموقعه لنعزز النهضة ونحافظ على مكاسبنا.. بل ونسعى جاهدين إلى الارتقاء بالنمو وبالدخل حتى تظل بلادنا شامخة رافعة الرأس في مهابة على جميع الأصعدة.. وحسبي الله ونعم الوكيل.

* كاتب سعودي

alialrabghi9@gmail.com