-A +A
أنمار مطاوع
الإغراء والتخصص.. كلمتان لا تجتمعان في جملة صحيحة إلا إذا كانت تدل على تعارضهما وعدم اتساقهما في المعنى والمضمون والهدف. فالتخصص يعني الإتقان في مجال ما بمهارات عالية تحت مظلة القيم والأخلاق الفاضلة. أما الإغراء بمفهومه العام فهو: إثارة الرغبة لعمل فعل ما بالاستهواء.. وهو أقرب إلى الإغواء. لهذا، أشارت الدراسات المتخصصة إلى أن الإغراء مصطلح يتعارض مع أخلاقيات أي مهنة؛ خصوصا مهنة الإعلان والتسويق.

على سبيل المثال، في النصف الثاني من القرن الماضي، بدأت وكالات الإعلان في العالم -الغربي بشكل عام- باستخدام المرأة في الإعلانات عن السلع، ثم ارتفعت طبيعة الاستخدام لتصل إلى مرحلة الإغراء؛ كأن تقف فتاة جميلة نصف عارية بجانب سيارة رياضية لتعلن عنها بعبارات إيحائية -غير لائقة-. وفي تلك الفترة أجريت دراسات عديدة على هذه الظاهرة أيضا، وأكدت نتائجها سلبية استخدام هذه الأساليب في التسويق.. أخلاقيا. كما ظهرت الحركات الحقوقية العالمية النسوية التي ترفض هذا الاستخدام والامتهان المقيت. وتقريبا اختفى هذا الأسلوب الفج في الترويج للسلع.


مع بداية الألفية الجديدة، نشط عالم الترويج للاستهلاك عبر الإعلانات بمختلف أشكالها المسموعة والمرئية والمقروءة.. وأصبحت الشركات والماركات تتنافس على الترويج لمنتجاتها وتبتكر أحدث الطرق لبيعها.

صحيح أن الشركات تبحث عن الربح.. وربما المبالغة في الربح.. ولا تهتم كثيرا بالقيم المجتمعية -وهذه طبيعة رؤوس الأموال في العالم ككل-، إلا أن هذا لا يمنع من الالتزام بمعايير تخصصية لا يجب التنازل عنها مهما كانت الضغوطات. فطبيعة المنافسة وتحقيق الأهداف تفرض أحيانا التنازل عن الجدية في التسويق بعض الشيء، وقد يصل -أي أسلوب التسويق- لمستوى تضليل العميل ليشتري السلعة. هذا التوجه لتسويق أي سلعة، لن تكون له تأثيرات إيجابية على السوق والمجتمع مستقبلا.

من المهم وضع المعايير الأخلاقية لمهنة التسويق موضع التنفيذ.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com