-A +A
أريج الجهني
مبروك للسيدات السعوديات دخول قرار تعديل نظامي وثائق السفر والأحوال المدنية حيز التنفيذ، هكذا ببساطة جاء هذا القرار ليسدل الستار فوق أخطر وأهم تابوه اجتماعي عانت منه العديد من الأسر لسنوات، بين من وقعت تحت ولاية رجل ظالم أو حتى من كانت بولاية أسرة تحبها وتعطلت مصالحها، فالحرية ثمينة وتحديدا حرية التنقل حق إنساني قبل كل شيء، وما قامت به القيادة السعودية، رغم كل الضغوطات الاجتماعية المختلفة وبقايا الصحوة، هي خطوة تاريخية في حياة المرأة السعودية، بل سيغلق ملف الهروب والضغط الخارجي للأبد، فالفتاة الآن عليها أن تواجه مشكلاتها وتدير حياتها بحكمة وتروٍ.

بالتأكيد لا زالت هناك بعض العقول الرافضة وغير المصدقة لهذا الحدث التاريخي، بل التحدي الآن كيف سيتم تثقيف الأسر وتوعيتهم بأهمية التربية بالحب والاحتواء لا التهديد والعصا، المحك القادم أيضا هو تفعيل الجامعات والمدارس لهذه الثقافة وتمكين الفتيات، مهم أيضا تحديث الوثائق والأنظمة التي كانت تستنزف الفتيات من خلال «شرط المحرم» وكيف تتعرقل مسيرتهن فقط لعدم توفر «هذا المحرم»، بل بلغ الحال لظهور زواجات غريبة كزواج «المسفار» وأصبحت الفتيات يبحثن عن رجل فقط كي لا تخسر بعثتها، كل هذا الآن أصبح من التاريخ!


من المهم الآن هو تحديث العقول، وهنا أوجه رسالة للفتيات خاصة في ظل انتشار مقاطع محزنة لفتيات هاربات، وهو أمر مقلق ومحزن، أتمنى أن تكون هناك جهة رسمية لفتح باب العودة للفتيات وأن يوضع لهن برامج علاجية ومنحهن حق الاستقلال عن أسرهن، الآن مع هذه الحرية مهم أن يرافقها مستوى عالٍ ومتحضر من الانضباط، فكم هو محزن أن تهرب فتاة فقط لتعيش على الهامش ولا تستفيد من تجربة الغربة في أن تكتسب لغة أو تتعلم أو تكافح، وهذا أمر يعزز النظرة السلبية للمرأة السعودية للأسف وأنها مجرد ضحية هاربة.

لهذا تحديث القوانين أيضا وإيقاف «بلاغات التغيب» والتهم المشابهة ضرورة قانونية، هنا يأتي دور الحراك المؤسسي والتنظيمي في سرعة الاستجابة للمتغيرات، وزارة التعليم كالعادة عليها الحمل الأثقل والأعمق، فالوزارة من خلال مدارسها وجامعاتها تقود المجتمعات لبر الأمان، تحتاج الوزارة أن لا تجامل وأن لا تترك تنفيذ هذه القرارات لأمزجة المسؤولين بل تحاسب كل مسؤول لا يطبق هذه القرارات وتوجه رسالة واضحة أن التعرض للفتيات سواء زي الطالبات أو حتى إلزامهن بمواعيد دخول وخروج محددة كل هذا يدخل في «التمييز العنصري» والذي تدرك الوزارة جيدا خطورته، وجهود العاملين بقيادة الوزير في الفترة الأخيرة تستحق الإشادة سواء بإسناد التعليم للبنين للمعلمات أو حتى بتعيين سيدة متحدثة رسمية، كل هذه الأمور تجعلنا نطالب بالمزيد والتشديد على الجامعات بالتجاوب مع هذا الحراك المجتمعي.

نعم لا هروب بعد اليوم، ولا قضايا ابتزاز خارجية ولا داخلية، الآن دور الوعي وسلطة الحب والضمير، فالقرار الآن انتقل من الرعاية الحكومية للمسؤولية الفردية، وبناتنا خير من يتحملها، لكن من المهم أن ندعمهن أيضا، وأن نفتح قلوبنا قبل أبوابنا لهن، وكل عام والسعوديات بعز وتمكين.

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com