-A +A
عبداللطيف الضويحي
إن ما تشهده أجهزة الدولة ومؤسساتها الحيوية المهمة من ثورة هائلة بالسرعة والسهولة في إنجاز أغلب المعاملات والتعاملات الإلكترونية قوضت أطنابا وأطاحت بالكثير من المصالح الفاسدة التي كانت تنتعش وتعتاش على بطء الإجراءات ومن تعقيداتها على حساب وقت المستفيدين ومن حساباتهم المالية، فضلا عن صحتهم. بل إن البعض من تلك التعاملات يتعمد بعض القائمين عليها تمطيط إجراءات العمل إلى أسابيع أو أشهر وربما سنوات، ولا أحد يستطيع أن يتأكد من صدقيتهم ومدى حاجتهم الفعلية لتلك المدة من الوقت.

خلال ساعة واحدة (حتى لو خارج وقت العمل) تستطيع أن تجدد جوازات أفراد أسرتك وتضرب مواعيد تجديد بطاقة الهوية وتجدد اشتراكاتك في الخدمات وتجري مراجعة فاتورة الماء أو الكهرباء، هذه (الساعة) فيما مضى كانت تتطلب منا ساعات تمتد لأسابيع وأشهر بما يترتب عليها من استنزاف للجهد والمال والصحة والوقت.


سؤالي إذا كانت الأجهزة المهمة قضائيا وأمنيا وماليا وتعد بياناتها حساسة إلى حد ما مثل وزارة العدل ووزارة الداخلية تقدمت بتوظيفها التعاملات الإلكترونية وتطبيقاتها التقنية، لماذا تتأخر وتتلكأ أجهزة ومؤسسات حكومية وتجارية أقل حساسية في بياناتها؟ أتمنى ألا تكون تطول المدة على تلك الأجهزة والمؤسسات الحكومية المتأخرة في هذا المجال.. وأتمنى ألا تكون بقايا مصالح فردية وشللية على غرار من يمططون الإجراءات لدفع المراجعين لدفع مقابل التخلص من تلك الإجراءات المفتعلة أو الممطوطة قصدا وبفعل فاعل. أقول أتمنى ألا تكون هذه من ضمن الأسباب التي تقف حجر عثرة في طريق انتشار وشمول كافة الخدمات المقدمة من قبل كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

كثير من تلك البرامج والتطبيقات الخدماتية الإلكترونية المعمول بها قد لا تخص وزارة بعينها، حتى إن تصدرت الواجهة وزارة أو مؤسسة حكومية كجهة مسؤولة عن هذا البرنامج أو ذلك التطبيق الإلكتروني، فهناك الكثير من الأجهزة والمؤسسات التي تشترك بتغذية ومراجعة ومراقبة أو صيانة هذا البرنامج وتلك التطبيقات.

الكثيرون من المستفيدين النهائيين من خدمات التعاملات الإلكترونية ربما لا يعرفون لمن تتبع بعض هذه البرامج وتلك التطبيقات وما إذا كانت تلك البرامج والتطبيقات تتبع 100% تتبع لوزارة الحج أو وزارة العمل أو وزارة الداخلية أو وزارة البلديات أو التجارة أو غيرها، على غرار «إبشر» أو «ساند» و«حافز» و«صحتي» و«مهارة» إلخ والكثير الكثير، وفي الحقيقة لا يهم أن يعرف المستفيدون لمن تتبع هذه البرامج من الوزارات بقدر ما يهم الناحية العملية التطبيقية وأقصى درجات الاستفادة من تلك البرامج الخدمية الإلكترونية.

والأكثر أهمية في تصوري، هو ضرورة مراجعة وغربلة الكثير من المسميات الوظيفية في الجهاز الحكومي ومراجعة الوصف الوظيفي للعديد من تلك الوظائف وسلخ بعضها وإلحاقها بإدارات أخرى وربما في وزارات أخرى، والتوسع في دمج الكثير من الوظائف أو إلغاؤها نتيجة للمساحة التي أصبحت تتربع عليها الخدمات الإلكترونية، وإفساحا لها والسبب هو أن دوائر المصالح التي لا تزال تعتاش على بقايا العلاقات الشللية والتي تدور غالبا في فلك بعض إدارات الشؤون الإدارية والمالية سوف تستميت في مقاومتها للتعاملات الإلكترونية ولن تتنازل عن تلك الكعكة بسهولة. شبكة مدعوم أفرادها فيما بينهم بما يمكن تسميته بالقبيلة الإدارية، وهي تختلف جوهريا عن الانتماء والرابطة بين أفراد القبيلة التقليدية المتعارف عليها.

* كاتب سعودي