-A +A
هيلة المشوح
في مطلع هذا العام وقبل ستة أشهر، شاهدنا سوياً قضية المراهقة الهاربة من عائلتها وما زامنها من زخم إعلامي عالمي في حادثة شدت العالم وتابعتها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير، والسبب ليس فقط في فوضى الأكاذيب والادعاءات التي رافقتها بل في أمرين مهمين وتمرحلهما تباعاً وهما: أنسنة القضية من جهة ثم تسييسها من جهة أخرى، فكان اللاعبان الأهمّان في هذه القضية هما إعلام ومؤسسات قطر كمرحلة أولى وكندا كمرحلة ثانية.

خرجت الفتاة الهاربة قبل يومين في مشهد فيديو مقزز مع شخص يقيم في كندا للدراسة على ما يبدو -ويقال إنه هارب في قضية اختلاس- ويعارض التحولات في المملكة على موقع التواصل «تويتر» ويصف الترفيه بالانحلال ويرى أن الدولة تكره الناس على الترفيه المنحل وأن هذه جريمة حسب وصفه، أما ما شاهدناه خلال دقيقتين في الفيدو «إياه» فهو انحلال يفوق الوصف في التجاوز اللفظي والأخلاقي واستباحة الحرام وتقديم الهاربة بشكل منحط وبطريقة خادشة للحياء كسؤاله لها هل ستصبح «محترفة الإباحية» أو كما يقول «الأستاذة محترفة البرونو» ثم يطلب منها التعريف بنفسها والحديث عن ممارساتها الجنسية بألفاظ أشد انحلالاً، كل ما سبق هو للتعريف بطموح وأهداف تلك الفتاة التي تحققت بعيداً عن عائلتها التي وصفتها بالمتشددة خلافاً لما أشيع حين هروبها، مبررة الهروب بأنها كانت «مخربتها» وأهلها لن يتركوها بهذا الوضع؛ أي أن عائلتها كأي عائلة في الشرق أو الغرب أو أي بقعة حول العالم تربي أبناءها وتتابع سلوكهم وتخشى عليهم من الضياع، وهنا مربط الفرس فقضية الفتاة قضية أسرية تم تهريبها ثم تضخيمها وتقديمها كحالة إنسانية وبالتالي تسييسها كما شاهدنا في استقبال وزيرة الخارجية الكندية المعروفة بتبنيها مواقف متشنجة ضد المملكة واقتناص الحدث بعرض اللجوء على الفتاة في تسييس سافر للحادثة على أعقاب الأزمة السياسية بين المملكة وأتاوا وتسييس الملف الحقوقي في المملكة واستغلاله دولياً وإعلامياً بافتقار واضح لأقل الأعراف الدبلوماسية!


المؤلم في القضية برمتها وبعيداً عن دهاليز السياسة هو نزع فتاة مراهقة من أحضان عائلتها بتصوير حياة الغرب كجنة غناء ورفاهية حالمة حتى تواجه مصير الضياع والاستغلال الجنسي وتجارة الجسد.. والسؤال:

أهذه هي الحياة الكريمة التي باركها الحقوقيون المجندون ومرتزقة الإعلام القطري المدفوعون كتلك الإعلامية التي عبرت عن سعادتها بهروب الفتاة من المملكة، وأنها أصبحت بأيد أمينة وتطالب أمها أن يطمئن قلبها على ابنتها! ياإلهي ما هذا النوع من الاطمئنان وما هذا الكم من اللاأخلاق وحرفية الارتزاق الذي بارك وصفق لتسييس قضية فتاة هُرِّبت من أحضان والديها إلى احتراف الدعارة وسوء الأخلاق والمجهول!!

نعم ياسادة.. أحداثنا اليومية تستغل وتوظف سياسياً ضدنا، وكل حدث ينتشر على مواقع التواصل هناك مؤسسات بأكملها ترصده وتحرف مساره وتصنع منه محتوى ومنتجا مؤثرا وتدفع الملايين لأجل ذلك، وقضايانا التي يتم تضخيمها ببهرجة إعلامية وأبعاد إنسانية، بعدها الوحيد «سياسي» بحت.. فاحذروا!

hailahabdulah20@