-A +A
منى المالكي
لا نستطيع إطلاقاً كسعوديات وسعوديين التقليل من حجم المنجز الفني الباهر للفنان العظيم محمد عبده، ويقف المواطن العربي من الخليج إلى المحيط وقفة تقدير وإعجاب بالثروة الفنية التي صنعها فنان خالد الذكر مثل الفنان «أبو نورة».

نحفظ جميعاً مقولة «أن تصل إلى القمة سهل، لكن أن تحافظ عليها صعب» هذه المعادلة الصعبة حققها أبو نورة على مدى أكثر من خمسين عاماً قضاها في ترسيخ دور الفن السعودي خارجياً وفي مواجهة شجاعة وقوية داخلياً أثبت خلالها أن الفن يستطيع مقاومة التشدد والانغلاق، أزعم أن داخل كل سعودي وسعودية جزء من ذكرى يصاحبها صوت محمد عبده فهو صانع الذكريات، وهو من رسم خرائطنا العاطفية! إلى الآن وشبابنا يعشقون تلك الحنجرة الذهبية ويرددون أغاني من بدايات مسيرة «أبو نورة» فأي عشق صنعته تلك الحنجرة الذهبية التي صدحت من جازان الفل والعشق والفن.


عاش السعوديون نساء ورجالاً ثنائية رائعة واكبت نادي الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، ثنائية طلال ومحمد فهل أنت طلالي الهوى أو مع «أبو نورة»! وكان من ينتمي إلى أيهما تعرف مباشرة ميوله وعواطفه ومسيرة عشقه، هكذا كنا وسنستمر فالعملاقان محمد عبده وطلال مداح -يرحمه الله- هما البحر الأحمر والخليج العربي في احتضان أفئدة السعوديين فناً وحباً.

في حفلته الأخيرة في بريدة ظهر العملاق محمد عبده متعباً مرهقاً تابعته وأنا غاضبة أكثر مما كنت مشفقة على عملاق «أبعاد، ولا تردين الرسايل، ولو تخليت عني، والأماكن، غيرها وغيرها» ظهر الجبل الشامخ ضعيفاً وشكت أوتاره الذهبية الوهن، وأعلن صوته أنه في حاجة إلى راحة، محمد عبده ليس ملكاً لنفسه، محمد عبده ثروة سعودية خالصة، محمد عبده لنا ومن حقنا عليه أن يرتاح ولو لفترة طويلة، حتى لو يعلن اعتزاله، وماذا في ذلك! وأن تقوم وزارة الثقافة السعودية أو هيئة الترفيه بإنشاء معهد للموسيقى باسم «معهد محمد عبده للموسيقى العربية» وتعيين الفنان العظيم «أبو نورة» عميداً له أو رئيس مجلس أمناء، فهذا ليس تكريماً فقط لعشقنا الفني الأوحد محمد عبده وإنما لأن «أبو نورة» الآن في سن وخبرة يعطي وهو في اكتشاف المواهب وتنميتها أكثر من وقوفه بالساعات على المسرح أو التنقل من مكان إلى آخر!

محمد عبده رسم خريطة فنية يصعب تكرارها، فلنحافظ على تلك الصورة الشامخة على مسارح القاهرة وبيروت وباريس ولندن عندما كان السعوديون يلتقونه خارج الوطن! فليبقَ ذلك الصوت الشجي في آذاننا كما هو ولا نقارنه بما حدث على مسرح بريدة الأسبوع الفائت. محمد لنا، ولا مراهنة عليه، ومن حق ذلك الفارس أن يترجل ومن حقنا على «أبو نورة» أن نقول عشت عظيماً وستبقى عظيماً.

* كاتبة سعودية