-A +A
حسين شبكشي
تواصل السعودية بشكل مكثف معركتها مع الإرهاب والفكر المتشدد والبغيض اللذين نتجت عنهما أحداث مؤسفة وتسببا في قتل العشرات من الأبرياء، وهذه المعركة لها أوجه مختلفة؛ منها إعادة روح الدين السمح والانفتاح على الآراء الوسطية التي غيبت عمدا، والسعي الدؤوب على علاقة أكثر تسامحا مع الآخر المختلف. وقد حققت السعودية في فترة وجيزة إنجازات لافتة وتحسب لها. إنها المراجعة مع النفس التي بدأت ولا يجب أن تتوقف. ولكن هذه لن تكون آخر المعارك التي على السعودية مواجهتها، فهناك معركة تحضر لنا في الأفق، وهي معركة البيئة. مع ارتفاع الوعي البيئي حول العالم وزيادة منظمات حقوق البيئة عددا ونفوذا، ما مكنهم من أن يكون لهم صوت سياسي مسموع وفعال، وبالتالي باتت قوة تشريعية مؤثرة، أصبحت أصابع الاتهام «ظاهرة» لأن توجه نحو شركات البترول والبتروكيماويات لأنها بحسب وجهة نظرهم المتهم الأول في تدمير بيئة العالم. والسعودية التي تملك أكبر شركة بترول في العالم متمثلة في «أرامكو» وثالث أكبر شركة بتروكيماوية في العالم متمثلة في «سابك» عليها التحضير الاستباقي لهذه المواجهة، وذلك بفريق قانوني يحضر لمختلف السيناريوهات الممكنة التي تطرح أسئلة «ماذا لو؟»، ويكون الفريق بالتالي مستعدا وجاهزا للإجابة على الأسئلة الصعبة من الناحية القانونية. وإطلاق الشركتين حملة توعية عامة للجهود البيئية التي تقومان بها والمساهمات البحثية والجوائز التي تقدمانها مع أهمية إطلاق كراسي بحثية عن البيئة في بعض أهم الجامعات العالمية باسم الشركتين. المعركة البيئية القادمة ستكون جادة وعنيفة، خصوصا مع تنامي «البدائل» الجادة للنفط والبلاستيك التي توصف بأنها صديقة للبيئة. هذه المعركة قادمة لا ريب وعلينا التجهيز الاستباقي لها حتى إذا ما انطلقت لا نفاجأ ونكون في موقف مرتبك ومدافع. البيئة لم تعد مسألة رفاهية بل تحولت إلى مسألة حقوقية تقام لها منظمات وتسن لها سياسات. الموضوع في منتهى الجدية.

* كاتب سعودي