-A +A
عبدالله صادق دحلان
يجتمع الملوك والقادة وتلتقي الشعوب الإسلامية في العشرة الأواخر من شهر رمضان في رحاب بيت الله الحرام بمكة المكرمة، ليشهدوا الإنجاز العظيم للقيادة السعودية منذ إنشاء المملكة العربية السعودية في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- في تطوير الحرم الشريف والمشاعر المقدسة وتوسعة الحرمين الشريفين لاستيعاب أكبر عدد من المسلمين القادمين للعمرة والحج.

وهو إنجاز ليس له مثيل ولا يمكن لأي دولة إسلامية أن تنافس المملكة في هذا الإنجاز، وفّق الله ملوك وأمراء الدولة السعودية لأن يتحقق هذا الإنجاز في عهدهم، والحقيقة أنه كان أول أهداف التنمية لكل ملك تولى الحكم في المملكة، وكل أمير تولى إمارة مكة المكرمة هو خدمة الحرم الشريف، ولا يمكن لأي قائد إسلامي أو مسؤول أو مسلم أن يتصور حجم الإنفاق الذي خصصته وأنفقته الدولة السعودية في تطوير الحرمين الشريفين وعلى وجه الخصوص الحرم المكي الشريف من إزالة المباني القديمة بهدف توسعة الحرمين وتعويض أصحابها وإعادة بناء وتطوير البنية التحتية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ولا يمكن لأي مسلم قائدا كان أو حاجا ومعتمرا أن يقدر حجم الجهود العظيمة التي توفرها الدولة السعودية في حماية أمن وسلامة الملايين من المسلمين الزائرين للحرمين، فسخرت مئات الآلاف من الرجال والنساء لحفظ الأمن والسلامة والنظافة وتنظيم المرور وتقديم العناية الصحية داخل الحرم وخارجه، ووضع المستشفيات والمراكز الصحية تحت الاستعدادات القصوى لتقبل حالات الطوارئ من المرضى مجانا، ووضعت أحدث النظم لإدارة الحشود من ملايين المسلمين داخل الحرم الشريف أو في ساحاته الجانبية، مع توفير جميع وسائل الراحة ووسائط النقل الآلية داخل الحرم للطائفين حول الكعبة أو المعتمرين في الطواف والسعي مستخدمين وسائط نقل كهربائية ذاتية الاستخدام أو بمساعدة متخصصين، مع تطوير الخدمات المساندة داخل الحرم وفي الساحات المجاورة، ويفطرالملايين في شهر رمضان داخل الحرم أو في ساحاته الخارجية وخلال دقائق معدودة وبأرقام قياسية يتم نظافة الحرم داخله وخارجه قبل صلاة المغرب، وتوزع ملايين اللترات من ماء زمزم مجانا لجميع المصلين، ويعمل عشرات الآلاف من المتخصصين السعوديين والمتعاقدين المدرّبين بلغات متعددة لخدمة نزلاء الفنادق في مكة المكرمة.


منظومة متكاملة لخدمة المسلمين في مكة المكرمة تبدأ من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المتميزة في أدائها بالإشراف على الإدارات المتعلقة بالحرم الشريف، وبمتابعة دقيقة ويومية من أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل ونائبه الأمير بدر بن سلطان، وعين ولي الأمر الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان تتابع هذه الجهود العظيمة التي تبذل لخدمة المسلمين المعتمرين والزائرين والمقيمين.

إن رعاية الحرمين هي أولوية للدولة السعودية، وهدف رئيسي تسخّر له جميع الإمكانيات البشرية والمادية، ولا أعتقد أن هناك أي دولة إسلامية تستطيع أن تقوم بهذا الدور العظيم، وهي ليست منّة عليهم أو على المسلمين وإنما هي أمانة في أداء الواجب أمام الله وعباده المسلمين، إن خدمة المسلمين وخدمة الحرمين الشريفين هو شرف للقيادة السعودية وإن دعمها سياسيا ومعنويا هو مطلب الشعوب الإسلامية، فالدولة السعودية منذ أن تولت رعاية الحرمين لم تطلب من أي دولة إسلامية الدعم والمساندة المالية أو الأمنية لحماية الحرمين أو لتغطية نفقات التوسعات وهي بالبلايين، ولم تطلب المساعدة في إدارة وتشغيل الحرمين فتولّت المسؤولية ودرّبت كفاءاتها البشرية لتولي هذه المهمة التي وكّلت لها، ونحن كشعب سعودي نفتخر بهذا الدور الذي تقوم به حكومة بلادنا ونؤكد للعالم الإسلامي قيادات وشعوبا بأننا نقف جميعا خلف قيادتنا في جميع المواقف، وسنظل ندافع عن أرض وطننا ونعمل على حمايته ولن نسمح لأي دولة أو أي إنسان بالتطاول على حقوق وحدود بلادنا والمساس بوحدة وطننا وقيادته.

وبلاد الحرمين تفتح أبوابها لجميع المسلمين من جميع دول العالم حتى من الدول التي لا يوجد لنا علاقات سياسية معها أوعلاقاتنا بها مشوشة سياسيا، ولا نخلط العلاقات السياسية بعلاقات حقوق الشعوب الإسلامية في ممارسة حقها في أداء ركنها الخامس حج بيت الله الحرام أو أداء العمرة وزيارة المسجد الشريف في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وزيارة مسجد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة، والزيارة هي حق مكتسب لكل مسلم ولم ولن يمنع أي مسلم من تأدية فريضة الحج والعمرة وزيارة الحرمين الشريفين.

إن ما يدفعني لكتابة هذه المقالة هذا اليوم أنا والعديد من المسلمين الذين يقضون أياما معدودة في رحاب الحرم الشريف هو ما رأيناه على أرض الواقع وليس ما نقل إلينا.

* كاتب اقتصادي سعودي