-A +A
منى العتيبي
تابعت ردود الأفعال بعد الاعترافات التي صرّح بها الشيخ عائض القرني ببرنامج ليوان للإعلامي المديفر، ومنها اعتذاره للشعب السعودي مما سببه تيار «الصحوة» من آثار على حياة المجتمع من التشدد والإقصاء وفتاوى التحريم وغيرها.. كانت أغلب ردود الأفعال ترفض قبول الاعتذار وتندب العمر المسروق منها مع «الصحوة». والبعض انتصر لغازي القصيبي ومحمد الرشيد اللذين رغم وصولهما لمناصب قيادية تصنع القرار المجتمعي إلا أنهما لم يسلما من المؤامرات والتشكيك في الذمة والدين والتحريض والإساءة والدعاء عليهما من على المنابر.

نعم اعترف وقدّم القرني اعتذاره على ما حذر منه أصحاب الوسطية والاعتدال منذ سنوات.. نعم انكشف الغطاء لمن كان يشكك في منهج التيار من الإقصاء والتشكيك.. نعم ونعم ونعم، ولكن السؤال هنا مَن الذي سيحضر بديلا عن الصحوة؟ أي تيار سيخترق الوسطية والاعتدال ومجتمعنا؟ مَن سيستغل عواطفنا نحن الشعب؟ ما المنهج الذي سيدافع عننا؟ حصننا الذي يصد عنا كل مَن يريد أن يسلبنا الحياة والدين ويسرق منا أعمارنا؟!


المنهج القوي لا تستطيع التيارات الدخيلة والأفكار الهدامة وتلك التي تتشكل حسب أمزجة وأهداف روادها أن تخترقه، أنا أضع كل اللوم على منهج الوطنية أو لنقل الخطاب الوطني الذي لم يصد عنا تيار التشدد.. كان خطابا متفرجا على أحداث التشدد والإقصاء ويفسح المجال للتشكيك فيه، غائبا في مناهجنا الدراسية متلبسا رداء البحث عن الهوية الأممية والعربية والبحث عن البطل المفقود! كان خطابا تائها بين أنماط متعددة وتيارات متنازعة ما بين الحداثة والأصالة. هذا الاعتذار أراه رنّة الجرس الأخيرة لتعزيز المنهج الوطني والرفع من مستوى الخطاب الوطني والانتصار له وإعادة صياغته بطريقة أخرى تحفظ لنا وسطيتنا واعتدالنا الذي أقره لنا ديننا الإسلامي.. فإن حدث ذلك الأمر حتمًا ستتلاشى كل التيارات ولن يظهر لنا مرّة أخرى سارقو الأعمار والحياة تحت أي مسمى كان ولن نعيش المناطق الرمادية ونرى الحقيقة بلونها لا كما قال الشاعر رينيه جيد: لون الحقيقة رمادي!

* كاتبة سعودية

fanarm_7@