-A +A
عبده خال
عاد رمضان وكل منا كان يدعو: (اللهم بلغنا رمضان غير فاقدين أو مفقودين) فالحمد لله على هذه النعمة.

في حوار (ينشر في جريدة «عكاظ») سألني الصديق عبدالله عبيان سؤالا هذا نصه:


• في رمضان.. هل يرتفع مؤشر التدين عندنا.. ولماذا؟

فأجبته بالإيجاب وقلت لو أنني أردت الإبحار في هذه الإجابة فربما أغضب الكثيرين ولذا أشير إشارة بأننا على افتراق كبير بين النظرية والتطبيق.

تلك الإجابة تكون مبهمة لدى البعض، ولكن الحقيقة التي أجدها في هذا السلوك بأننا فرغنا الدين -أثناء تعلمنا- من القيم الإنسانية والأخلاقية وركزنا على أداء الشعائر التعبدية من غير إرفاق تلك الشعائر بما يستوجب فعله في الجانب العملي، ونصبنا أوقاتا يكون فيها أداء الشعائر أفضل من غيرها، لتتحول إلى حالة من حالات الجشع في كسب الأجر المضاعف، وهي الحالة التي تم ترويجها من خلال الذكر بحيث لو قلت كذا لكسبت عشرات الحسنات، وفي هذا تحولنا جميعا إلى مرددين للذكر اللفظي بينما الجوهر في الذكر هو محاولة الوقوف والتدبر لكل دعاء أو ذكر نردده.

وإذا كان شهر رمضان خيرا من غيره، فقد ظلت المواعظ والوصايا على ما هي عليه من ترديد وقيام وركوع، ولم تتزحزح تلك العادة، بالرغم من أننا نحفظ العديد من الإرشادات التي تطبق خطأ، فمثلا جميعا يحفظ (الدعاء مخ العبادة)، فكيف يكون هو المخ ونحن نردد الكلمات من غير تدبر لعمق الدعاء ذاته؟

يوميا وفي كل صلاة وبعدها ندعو بعقل فارغ عن مدلولات الدعاء نفسه، وفي السياق ذاته عندما تذكر أسماء وصفات الله عز وجل تردد بآلية وحفظ لا يستشعر فيها المرء عمقا وتفردا لذلك الاسم أو الصفة.

وفي نفس السياق يتفاخر البعض بأنه ختم القرآن مرة أو ثلاث مرات في شهر رمضان، بينما الوصية أن لا تتعدى سورة قبل أن تفهمها وتغوص في تجويفها لتعرف لماذا ذكر الله عز وجل تلك السورة.. نحن نجيد إقامة الشعائر ولا نجيد معرفة العمق من فرض تلك الشعائر.. والفرق بينهما شاسع جدا.

إن الله متواجد في كل زمان ومكان فلماذا لا نأتيه أصحاء الألباب والقلوب؟

الرجاء أن نتفهم أعمق مما نحن عليه من تعبد، ويكون هذا الشهر فرصة لفتح مغاليق عقولنا التي تلتزم بالوقت ولا تلتزم بالفهم.!

وكل عام وأنتم إلى الله أقرب.