-A +A
أريج الجهني
بداية أتقدم بأحر التعازي لأسرة الشيخ محمد بن علي بن شاكر العامري، رحمه الله، الذي اغتيل قبيل شهر رمضان الكريم في أثناء عمله وأمام مدرسته، وقد ترك وراءه حسن الأثر والسيرة العطرة التي قادتني لدخول جزء جغرافي من هذا الوطن الذي نقصر في بعض الأحيان من الذهاب إليه أو حتى الحديث عنه، كانت المرة الأولى التي أعرف عن منطقة «العرضيات»، والتي يسكنها هؤلاء الأهالي الكرام الذين رأيت ترابطهم وتلاحمهم وتعبيرهم عن حزنهم بمصابهم، ووجدت قضية تخص بنات هذه المنطقة وهن أخواتنا وبناتنا تحت هاشتاق #ظلم-الجامعات-لبنات-العرضيات، وبالطبع لاتصال الهاشتاق بتخصصي الدقيق «التعليم العالي/‏ قضايا المرأة» اطلعت عليه وشعرت بالألم لما رأيت.

فتيات طموحات ومعدلات مرتفعة، يتم حرمانهن من إكمال مسيرتهن التي سخرت لها الدولة مشكورة مليارات الريالات، فقط لعدم وجود كلية خاصة بهن! تألمت كثيرا وأعادني المشهد لمرحلة تعليمية مهمة من حياتي حينما لم يكن هناك في مدينة القريات التي ولدت ونشأت بها سوى كلية «دبلوم» وكان الذهاب لمدينة سكاكا أمرا شبه مرفوض من أسرتي، في ذات العام الذي أنهيت فيه العام الأول جاء قرار تحويلها لكلية بكالوريوس وافتتاح مسارات مختلفة، أتذكر هذا اليوم جيدا، أتذكر كل تفاصيله ووجوه صديقاتي، أنا أفهم معنى أن تكون الفتاة طموحة لكن الظروف التي حولها لا تخدمها، وليست كل الأسر تسمح لفتياتها بالسفر والتعلم، بل حتى أنظمة الجامعات الآن تجعل الأولوية لفتيات البلد نفسه، وهذا الأمر يضاعف حجم الألم للطالبات في المدن الصغرى.


أتمنى من معالي وزير التعليم الموقر الدكتور حمد آل الشيخ فتح تحقيق عاجل حول هذه القضية قبل بداية العام، حيث أوضحت الردود بأنه كان هناك مشروع كلية تحت لواء جامعة أم القرى لكنه لم يكتمل! أو توقف العمل به، رغم أنني لا أجد أن حتى هذا الاختيار منصف، حيث يمكن الاطلاع على خريطة المدينة من خلال خرائط القوقل لمعرفة صعوبة ذهاب سكان هذه المنطقة للجامعات الأخرى فالأفضل أن تقود الوزارة هذا الملف وتنشئ جامعة محايدة أو كليات تغطي احتياج العرضيات وما جاورها مع أهمية الأخذ برأي الطالبات.

ملف التعليم الجامعي متشعب، لكن الأخطر حاليا والأدعى للمعالجة هو ملف الجامعات الناشئة وقضايا الفتيات، من حق بناتنا أن ينلن فرصتهن في إكمال تعليمهن، وقبل أن يدندن الناس أن البطالة تنتظرهن أو مواويل التوظيف، هنا أقول إن هذه الأعذار لا يجب أن تكون ذريعة لمنع فتاة طموحة من أن تنال فرصتها لتكمل مسيرتها، قلبي معهن، وأفهم وأشعر بل عشت كل هذه المشاعر في مرحلة من حياتي، لهذا أدرك تماما معنى أن تكمل الفتاة تعليمها، فلا أحد يعلم ماذا سينتظرهن في المستقبل بل ننتظر منهن العالمات والباحثات والملهمات وكل فتيات الوطن كذلك، استوصوا ببناتنا خيرا وكونوا عونا لهن.

* كاتبة سعودية