-A +A
محمد الساعد
لم تكن العملية الإرهابية التي وقعت في الزلفي الأسبوع الفائت عملية معزولة قام بها مجموعة من المتطرفين أو المخدوعين المضطربين نفسيا، أو خلية إرهابية نائمة تحركت فجأة لتخوض معركة مع رجال المباحث العامة في السعودية من أجل الانتقام كما ادعت، مع التذكير بأن آخر عملية إرهابية وقعت في السعودية كانت مع انتهاء فصول إرهاب العوامية قبل عامين.

اقتضت العملية -عند من خطط وأمر بها من خارج السعودية- اختيار مدينة صغيرة على أمل أن تكون محطة رخوة جاهزة للانقضاض عليها والقضاء على من فيها، كانوا يحلمون أنه سيكون من السهولة دخول مبنى المباحث وإحداث دوي إعلامي هائل بقتل عدد كبير من رجال الأمن والإثخان في الجرحى وتصويره وبثه وربما الاتصال من هناك بقناة الجزيرة كما فعلوا ذلك من قبل، وبالتالي إحراج المملكة في عملية كبيرة، مستدعين جرائم «القاعدة» بين 2003 – 2005 في الرياض والخبر، وعلى وجه الخصوص فيديوهات عبدالعزيز المقرن ورفاقه عندما كانوا يرسلون أفلامهم الدعائية إلى أسامة بن لادن وقناة الجزيرة من داخل المنشآت المهاجمة. إلا أن تصدي رجال الأمن بكفاءة عالية جدا والقضاء على الإرهابيين في الشارع الخارجي صدم منظمي العملية لدرجة أن الإرهابيين المدججين بالأسلحة لم يصلوا إلى صندوق الخفارة على الباب الخارجي، لقد قضي على الخطة وعلى أحلام من رسمها في مهدها.


ما حصل في حقيقته ليس سوى لعبة مخابراتية «تركية - قطرية - إيرانية» بمساندة وعمل على الأرض من التنظيم العالمي للإخوان، تريد أن تستبق السنتين القادمتين في المنطقة، خاصة ما يتعلق بالسعودية الرقم الصعب الذي وقف حائطا عاليا أمام طموحات «رباعي الشر»، بل ولاحقهم تحت سماء وفوق أرض هذه البقعة الصعبة من العالم.

اقتضت خطة ثلاثي الشر استباق الانتخابات الأمريكية القادمة التي بدأت إرهاصاتها مبكرا في واشنطن، بما يشل الدور السعودي أو يعطله ويربكه، ويجهز المشهد السياسي المعادي له قبيل وصول «الديموقراطيين» إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض الذي يأملونه ويسعون إليه.

لذلك تمت المسارعة للقيام بعملية إرهابية -وهو ما حصل في الزلفي- قبل إخراج البغدادي من قبوه وإعطائه الزخم اللازم، مع التذكير بأنه تم اختبار خروج حمزة بن أسامة بن لادن قبل أشهر لكنه لم ينتج عنه التأثير المأمول لصغر سنه وعدم وجود كاريزما جاذبة لديه كوالده، أدت لعدم اقتناع الخلايا الإرهابية به، فأصبح إخراج البغدادي من ضرورات الخطة.

وللتذكير فإن البغدادي وحركة داعش تم «تخليقهما» داخل رحم المخابرات القطرية والتركية العام 2012، ولذكاء السعوديين فقد استبقوا تداعيات ذلك المخلوق الإرهابي المشوه بمخاطبة الدول الغربية جميعها بما فيها أجهزة مخابراتها والتحذير من داعش وتقديم الأدلة على تورط القطريين والأتراك في دعم التنظيم.

القطريون بالمقابل قاموا بتسويقه لدى أجهزة الأمن الغربية ليكون مقاولا للإرهاب -تتم السيطرة عليه- وشبكة لاصطياد المتطرفين الأوروبيين، وللمساعدة في مخطط هد الدول العربية الذي بدأ العام 2010، اليوم يحاولون إعادته للمشهد للاستفادة من خدماته بعد تلقيهم خسائر سياسية فادحة في سورية واليمن والسودان وليبيا وبالتأكيد مصر من قبل.

اقتضت الخطة إشغال السعودية بعمليات إرهابية مكثفة وإرباك الأجهزة الأمنية فيها تحضيرا لعمل سياسي معاد يتم تحضيره حاليا بين كندا وتركيا والدوحة، من خلال إنشاء ما يسمى بجبهة «معارضة» لتجميع أكبر عدد ممكن من المراهقين والفتيات الهاربات والملحدين والفاشلين دراسيا، إضافة إلى مخلفات الإرهابيين في لندن من أمثال الفقيه والمسعري، لتنتج عنها -كما يحلمون- تنازلات وتراجع وربما انكفاء، وربما صدام مع حاكم البيت الأبيض الديموقراطي إذا نجح.

* كاتب سعودي

massaaed@

m.assaaed@gmail.com