-A +A
عبده خال
إذا أردت الدخول لمشاهدة فيلم سينمائي في إحدى دور العرض فعليك دفع ما يقدر بـ132 ريالا للفرد الواحد.. وإذا كنت تعول أسرة فكل (راس) يكلف رب الأسرة المبلغ ذاته، أي أن فيلما واحدا سوف يقصف بالميزانية الأسرية مما لا يجعلك تفكر بأي فعل ترفيهي لشهر كامل..

وعندما نخرج من الصالة المظلمة سوف تقف على باب العرض السينمائي لتصرخ:


- ماذا فعلتم بنا؟

الأمر لا يتعلق فقط بمشاهدة فيلم سينمائي بل بكل المناشط الترفيهية التي قفزت تكلفتها إلى عنان السماء لنصل إلى المرتبة الأولى عالميا في تكلفة دخول الفرد إلى صالة عرض سينمائي مثلا!!

- إذن ما هو الهدف من وجود الترفيه؟

هذا السؤال يقودنا إلى الرؤية المتبعة في تفعيل الأنشطة الترفهية داخل البلد، ويقودنا أيضا لمعرفه نوعية الترفيه، هل هو استثماري، أم رؤية شاملة لفتح منافذ لاستقطاب المجتمع في مزاولة أنواع من المناشط التي تدخل على الفرد البهجة.. وتمكينه من قضاء أيام جميلة داخل بلده من غير التفكير بالذهاب إلى الخارج لقضاء عدة أيام بما يتلاءم مع دخله.. أو تمكن المواطن المقيم من استلال ساعات في حضور أي فعالية داخلية لا تمثل إرهاقا على ميزانية الأسرة.

ويبدو أن العجلة انساقت خلف الجانب الاستثماري فانطلقت بجنون المستثمر الذي لا يعنيه سوى جني الأرباح من غير تحديد ما هي الأسس الجوهرية من وجوده، وهيئة الترفيه وجدت من أجل تمكين الأفراد من إيجاد وسائل ترفيه داخل البلد بما يتناسب مع دخول الباحثين عن المتعة.. إلا أن ما هو حادث أن صندوق الأرباح مفتوح الأشداق مما مكن المستثمر من الوصول إلى ربحية تصل إلى 150% مقابل كل ما يصرف في الجانب الترفيهي (وهذا ما قيل إن الشركات الترفهية تحصد 2 - 5 ريالات مقابل كل ريال يصرف)..

فهل يعقل أن تكون الأرباح لأي فعل ترفيهي تصل إلى ثلاثة أضعاف تكلفتها؟

ألم يكن من الضروري دراسة أوضاع الناس الاقتصادية وتوزيع الفعاليات وفق مناطق جغرافية، أي خلق مستويات من الترفيه تشمل جميع الشرائح الاجتماعية من غير إرهاق.

أذكر -ومنذ زمن بعيد- أنني طالبت بإيجاد مستويات من المناشط الترفيهية تتناسب مع دخول الأفراد، ولا يمنع أن تكون شعبية تتناسب مع دخول كل منطقة وكل حي.. أما ما يحدث من ترفيه الآن ما هو إلا ترفيه لمن يملكون دخولا تمكن الفرد منهم من قضاء أجمل الأوقات في دول أوروبا، أما الغلابا فإنهم لن يصلوا إلى شواطئ جيبوتي، ولا يستطيعون دخول حفلة غنائية تقام على ملعب الجوهرة لأبأس مطرب.

تواضعوا في أسعاركم قليلا.