-A +A
حمود أبو طالب
حالة الهيجان التي أصيب بها أردوغان مؤخراً وانعكست على تصرفات أجهزته الأمنية تجاه مواطني الخليج (الإمارات والمملكة) ليست سوى انعكاس للمأزق الذي يمر به ويتفاقم كل يوم مع مستجدات الأحداث في إقليمنا، وعندما نتحدث عن تركيا فنحن بالطبع نتحدث تلقائيا عن وكيل سياستها وممولها والمجتهد لتنفيذها، النظام القطري الذي يعيش أكبر خيباته هذه الأيام، ما يؤذن باضمحلال وتلاشي حضوره في مشهد الفوضى والإرهاب والتدخلات القذرة في شؤون الدول.

تركيا وقطر واجهتا مؤخراً مفاجأتين من العيار الثقيل، في السودان سقط حليفهما عمر البشير بشكل درامي سريع وبدأ حل الحزب الحاكم السابق، الذراع الإخواني لتنفيذ أجندات المحور التركي القطري، والصفعة الثانية كانت إلغاء اتفاقية تأجير أو منح جزيرة سواكن لتركيا، تلك الفضيحة المخزية التي ارتكبها البشير بحق عروبة السودان وأمنه وأمن جيرانه، أما الصفعة الثالثة فكانت رفض استقبال وفد قطري بترتيب مشبوه من بعض مسؤولي الخارجية السودانية ما أثار غضب المجلس العسكري ليطيح بوكيل الوزارة، وفي نفس الوقت كان هناك ترحيب علني بالتواصل السعودي الإماراتي مع المجلس ودعم الدولتين لخيار الشعب السوداني وتقديم مساعدات كبيرة لتمكينه من تجاوز ظروفه الراهنة. هذا سبب مهم من أسباب الانتكاسة الأخلاقية لأردوغان الذي رأى هزيمته وربيبه القطري في الساحة السودانية التي عادت إلى محيطها وحضنها العربي بدعم السعودية والإمارات، ما دفعه للانتقام منهما بإعلان وزير داخليته عن النية لاعتقال أي شخص يعارض سياسة تركيا أو ينتقدها من أي دولة، وطبعاً الإشارة هنا واضحة.


أما الساحة الثانية التي فضحت الثنائي التركي القطري فهي ليبيا بعد انتفاضة الجيش الليبي لتحريرها من التنظيمات الإرهابية، فقد تكشفت حقيقة مخزية في هذه الظروف وهي إرسال تركيا وقطر لأعداد كبيرة من عناصر داعش والنصرة والقاعدة مع كميات ضخمة من الأسلحة، لكن لأن ليبيا تحت المجهر الآن فقد انكشف الدور القذر وعرف العالم عنه وتم إجهاض جزء كبير من هذا الدعم الإرهابي، كما تم القبض على عناصر استخباراتية قطرية وقادة في التنظيمات الإرهابية كانت تعيش في قطر وتركيا، وطبعاً تعرف تركيا أن المملكة والإمارات مثلها مثل دول كبرى كأمريكا تدعم قرار الجيش الليبي بتطهير ليبيا من عصابات الإرهاب.

نحن إذن نتحدث عن هزائم إستراتيجية متتالية وسقوط سريع للمحور التركي القطري بفضل سياسات دول المقاطعة لقطر، المملكة والإمارات تحديداً، اللتان تنبذان الإرهاب والتدخل الأجنبي في الشأن العربي والمساس بأمن ومصالح واستقرار الدول وسيادتها وشؤونها الداخلية واللتان صنفتا تنظيم الإخوان الذي ترعاه تركيا وقطر تنظيما إرهابيا، وبالتالي لا نستغرب السعار التركي والذعر القطري الذي وصل بهما إلى حد التهور الذي ينبئ بانتهاء الدور القذر الذي تمارسانه منذ فترة طويلة، لكن علينا أن نحذر من غدر المسعور والمذعور.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com