-A +A
عبدالله صادق دحلان
تشرفت بدعوة من رئيس اتحاد أصحاب الأعمال العرب معالي الأستاذ حمدي الطباع لإلقاء كلمة في ملتقى مجتمع الأعمال العربي السابع عشر الذي عقد الأسبوع الماضي في بيروت بحضور صفوة من رجال الأعمال العرب وبعض الوزراء والمسؤولين عن الاستثمار في لبنان برعاية دولة رئيس الوزراء اللبناني سعد رفيق الحريري.

وفي الحقيقة كنت سعيدا جدا بالمشاركة وإلقاء كلمة والاستماع إلى توجهات الحكومة اللبنانية الجديدة نحو استتباب الأمن والاستقرار في لبنان لأنه أساس الاستثمارات الأجنبية والإقليمية القادمة إلى لبنان والأهم عودة السياحة إلى لبنان، وأجزم أن القيادة اللبنانية حريصة كل الحرص على هذا لمواجهة تحديات مستقبل الاستثمارات العربية في الدول العربية، ورغم قناعتي بأن المؤتمرات والندوات واللقاءات العربية الاقتصادية لا تعدو عن كونها متنفسا لنا نحن رجال الأعمال نبث فيها طموحاتنا وأفكارنا ونطرح المعوقات التي تواجهنا سواء من حيث الأنظمة والقوانين واللوائح أو من حيث الفساد المالي والإداري في الأجهزة الرسمية، أو نقل المعاناة من الصدمات التي تواجه رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية والخدمية في الأزمات السياسية والاقتصادية أو التوترات في العلاقات السياسية بين الدول بعضها البعض أو نتيجة خلاف الدول الصناعية مع بعضها أو خلاف أكبر اقتصادين في العالم الأمريكي والصيني وأثر هذا الخلاف على نسب النمو الاقتصادي في بلادهم وانعكاسه على بقية دول العالم ومنها الدول العربية التي هي جزء من هذا الكيان الاقتصادي العالمي، وفي الحقيقة أن القطاع الخاص في العالم أجمع وفي الدول العربية بصفة خاصة هو أكبر المتضررين في هذه الأزمات.


ورغم الجهود الكبيرة التي تبذل من قبل القادة العرب في اجتماعات القمم العربية ورغم الآمال والطموحات الكبيرة في التوصيات إلا أن المعضلة الأساسية هي في تنفيذ أو تحويل هذه الآمال والطموحات في التوصيات إلى واقع عملي يعمل به، علما بأن العالم العربي تاريخيا كان صاحب الفضل والسبق الأكبر في العديد من العلوم ومنها علم الطب والهندسة والفلك والرياضيات وعلوم أخرى، رغم الإمكانيات المالية المحدودة في التاريخ القديم، ومع تطور الإمكانات المالية والبشرية إلا أن العالم العربي الذي تجاوز عدد سكانه 386 مليون نسمة يقيمون على مساحة 13.3 مليون متر مربع، وناتجهم المحلي 2.75 ترليون دولار، ولديهم حوالى 601 ألف كيلو متر مربع مساحة أراض زراعية، وينتجون 25.6 مليون برميل من النفط الخام يوميا، ويمثلون ثلث إنتاج العالم من البترول، وينتجون 523.4 مليار متر مكعب سنويا من الغاز، ويمثلون نسبة 12% من إنتاج الغاز الطبيعي في العالم، ولديهم 54.4 ترليون متر مكعب احتياطي غاز تحت الأرض، ولديهم 2.5 مليون جندي في الخدمة و3.3 مليون جندي احتياطي تحت الطلب، ولديهم 5 آلاف طائرة حربية ويحتلون المركز الثاني عالميا، ولديهم 8 آلاف دبابة ويحتلون المركز الأول عالميا، وينفقون 123 مليار دولار على ميزانيتهم العسكرية سنويا ويحتلون المركز الثالث عالميا.

رغم كل هذه الموارد الطبيعية وهذا الإنفاق إلا أنه ما زال يعاني من تضخم الدين الخارجي الذي وصل إلى حوالى 762 مليار دولار ومصنفين في المرتبة الثامنة عشرة عالميا، ووصلت خسائر الإضرابات السياسية والحروب الداخلية إلى حوالى 833.6 مليار دولار لإعادة البناء وترميم البنية التحتية وخسائر الناتج المحلي والسياحة وتكلفة اللاجئين وخسائر أسواق الأسهم والاستثمارات، وصنفت الدول العربية خلال عام 2017 م ضمن أعلى عشر مناطق في العالم من حيث معدلات البطالة التي وصلت في بعض الدول العربية إلى 60% و30% وفي العديد من الدول العربية بمتوسط 13%، وارتفعت معدلات التضخم وانخفض حجم التبادل التجاري بين الدول العربية وانخفضت أرقام وأحجام الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدول العربية بنسبة 11.5% من 32.4 مليار دولار في عام 2016 إلى 28.7 مليار دولار في عام 2017، علما أن أجندة التنمية للأمم المتحدة وضعت سبعة عشر هدفا تبناها قادة العالم عام 2015م تقوم على ركائز ثلاث وهي القضاء على فقر الإنسان، وضمان الاستدامة البيئية، وتحقيق المساواة الاجتماعية بين جميع البشر.

لقد بدأت الثورة الصناعية الرابعة (ثورة المعرفة) وهي الثروة الجديدة والاستثمار الحديث وهي أداة التنمية والرفاهية في القرن الجديد، وأجزم أنه سيتحول كل شيء رقميا في فترة قصيرة من الزمن وسوف تكون الثورة الرقمية (ثورة المعرفة) الأقوى مفعولا وتأثيرا من الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية، وإذا لم يكن لنا نصيب ودور فاعل فيها فسيكون التخلف هو مصيرنا.

* كاتب اقتصادي سعودي

abdullahdahlan@yahoo.com