-A +A
خالد السليمان
ليست المرة الأولى التي يذهب فيها مريض ضحية للأخطاء الطبية أو الإهمال أو التقصير أو التقاعس في تقديم العناية الطبية اللازمة في الوقت المناسب، وليست المرة الأولى التي تصدر فيها البيانات المتنصلة من الخطأ والمتجردة من تحمل المسؤولية والمفتقدة نبض الضمائر الحية!

في قضية الطفل نهار الحارثي الذي تم استئصال الغدتين التناسليتين الذكرية بعد إصابتهما بالغرغرينا نتيجة فشل أحد مستشفيات الطائف في تقديم العناية الطبية العاجلة في الوقت المناسب، لم ينتج عن الحادثة إصابة الطفل بعاهة مستدامة يتعايش مع الحاضر وحسب بل قضت على أحلام المستقبل بأن تكون له ذرية تسعده في حياته وتدعو له في مماته، وهذه لعمري مصيبة لا توجد أحرف في قواميس جميع اللغات تعبر عن عظم مصيبتها ووقعها على النفس!


وكالعادة لا يجد أهل المصاب سوى لجان تحقيق تشكل على عجل لتتلقف آلامهم على أمل مداواة جراحهم، لكن للأسف هناك جراح لا علاج لها، خاصة الجراح النفسية التي تنزف لوعة وحسرة وحزنا على أخطاء فادحة كان بالإمكان تلافيها لو أن ضمائر حية سكنت المكاتب وعقولا نيرة أدارتها بدلا من التمترس خلف معاملات ورقية في قطاع عمل تسمو فيه أخلاقيات المهنة على أحبار البيروقراطية!

كانت محاولة التنصل من المسؤولية جزءا من المشكلة، ولا أعلم كيف يمضي المسؤولون عن هذه المصيبة أوقاتهم ولا كيف يخلدون إلى نومهم، لكنني أعرف أن طفلا صغيرا تحولت حياته إلى جحيم تعتصره آلام نفسية وتحاصره ضغوط اجتماعية ما كان لطفل بعمره أن يواجهها ناهيك عن أن يحتملها!