-A +A
محمد آل سلطان
في دوريات كرة القدم المحترفة على مستوى الدوري الإنجليزي والإسباني والألماني والإيطالي حيث يقدم الدوري هناك كأحد المنتجات الوطنية التي يتم ترويجها على مستوى العالم كصناعة تسويقية بمليارات الدولارات ويكاد يغطي نفاذها الكرة الأرضية بأجمعها، وتطرح مئات الآلاف من الوظائف الدائمة والمؤقتة، وتجذب ملايين المشجعين من داخل وخارج حدود الدولة الوطنية لدرجة إنشاء روابط جماهيرية منتمية لهذا الفريق أو ذاك في شتى دول العالم، وعلاوة على المتعة والإثارة التي توفرها لعبة كرة القدم في هذه الدوريات المحترفة فإن هناك عوامل أخرى تعد قيمة مضافة وقوة ناعمة تجذب ملايين السياح، وكماً هائلاً من التعاطف والشعور بنوع من الولاء والانتماء لتلك الدول أو المدن بسبب فريق كرة قدم هنا أو هناك.

وفي السعودية التي يحظى فيها الدوري هذا العام باهتمام ودعم منقطع النظير نحو تأهيله لمنتج تسويقي واستثماري عالمي؛ علاوة على أهداف المتعة والإثارة والحضور الجماهيري لكل السكان المهتمين برياضة كرة القدم، إلا أن الملاحظ هذا الدعم من هيئة الرياضة لم تتوافق نتائجه إلى حد الآن والدعم الحكومي المقدم، والطموحات المأمولة من القيادة حتى وإن قال البعض إن الحكم ما زال مبكراً على ذلك إلا أنه كما يقال «ليالي العيد تبان من عصاريها»!!


وأبرز معالم «عصاريها» تقول إن معظم الرؤساء المكلفين لم يكونوا على مستوى الطموح ولا التحدي؛ فضلاً عن الهدر المالي الذي تسببوا فيه إما بتضخيم صفقات الأجانب المحترفين أو إلغاء عقود المدربين بشروط جزائية باهظة!!

فضلاً أن «عصاريها» تفصح أيضاً أن جلب الإثارة المصطنعة واستجلابها مسرحياً عبر التصاريح المتبادلة ما بين الرؤساء بشكل يتجاوز حتى أشد جماهير الأندية تعصباً لم يؤد إلا إلى مزيد من السخرية والتجاوز الفج لكل مفاهيم ومحددات الرياضة عموماً!!

بالتأكيد أن هذا ليس ما نبحث عنه، ولا هو طموح قيادتنا الرشيدة التي تريد من مؤسسات الرياضة أن يكون الدوري السعودي أحد الدوريات العالمية التي يشار لها بالبنان احترافياً وإدارياً وفنياً وعلامة وطنية تجارية تشكل إحدى أدوات الجذب الاستثماري والتسويقي القائم بذاته وغير المعتمد على دعم الدولة، وهو ما لا أراه يلوح في الأفق حتى لو قلنا إننا سنبدأ في التخصيص فإن التحضير الإداري الذي يؤديه ويقدمه معظم الرؤساء المكلفين حالياً لا يبعث أبداً على التفاؤل ولو سحبت الهيئة دعمها أو خفضته لرأينا العجب العجاب..

خصوصاً أن الدوري السعودي ومنذ سنوات طويلة يعد أصلاً بطبيعته في طليعة الدوريات العربية والآسيوية لعوامل الجذب المتوفرة فيه مثل استقطاب عدد من اللاعبين الأجانب والعرب الذي أدى للمتابعة الجماهيرية خصوصاً من الدول التي يمثلها لاعبون في الدوري، ولاهتمام الإعلام الرياضي السعودي.

وبطبيعة الحال يجير هذا أيضاً للسعودية كبلد مؤثر على كل الأصعدة ومضياف شعباً وحكومة استضاف طوال أكثر من 40 عاما عشرات الملايين من الإخوة العرب وغيرهم الذين أصبح بعضهم منتميا بشكل أو بآخر للسعودية ورياضتها كمشجعين لأنديتها المحلية، وهو الشيء الذي ينبغي المحافظة عليه وبناء الروابط الجماهيرية المؤثرة خارج المملكة لأجله، فكم هي سعادتي كمشجع عندما أرى استقبال أحد الأندية السعودية في دول أخرى بمشجعين من مواطني هذا البلد أو ذاك أو أن أجد خارج الحدود شخصاً وقد ارتدى قميصاً لأحد الأندية السعودية، فضلاً أن أحضر مباراة في الدوري السعودي والمدرج خليط من الإخوة المواطنين والوافدين وقد توحدت قلوبهم وألسنتهم للتشجيع بحماس الفرق المتنافسة..

هذه هي القوة الناعمة لرياضة كرة القدم التي يخترق فيها الانتماء والميول العاطفي كل حدود الدول والأديان والأعراق ويصب بالمتعة في عروق الاقتصاد روافد أخرى تبدأ بالتسويق وتمر بالسياحة ولا تنتهي بالاستثمار، وهو الدور الهام الذي جعل بعض الدوريات المحترفة تفكر في إجراء بعض منافساتها في دول أخرى تستهدف فيها الحصول على المزيد من المكاسب التي تتجاوز كل عبارات العنصرية والكراهية التي نسمعها بين الفينة والأخرى!!

* كاتب سعودي

@dr_maas1010