-A +A
ماجد قاروب
جميعنا يتفق أن الاقتصاد الخفي والمتسبب الأول لمعظم حالات الفساد المالي والأخلاقي هو نشاط التستر التجاري وأضيف عليه المهني في مجالات القانون والهندسة والمالية.

لذلك كان تصدي الدولة مشكورة بهذا التوجيه القوي للقضاء على التستر من خلال حملة وطنية تشارك بها عدة جهات حكومية يعني أن الدولة أدركت أن للتستر أسبابا وأشكالا متعددة وأن السبب الأول كما هو الحال في أي فساد مالي وتجاري وإداري هو الخلل والفساد التشريعي، ولذلك أعطت التوجيهات وزارة التجارة مهلة (3) أشهر لتعديل نظام مكافحة التستر، ولن يكون التعديل بالاكتفاء بتغليظ العقوبات بالرغم من أهميتها باعتبارها الرادع أو الحاجب الأول والأساسي كافيا لمنع جريمة التستر.


ومن تورط من السعوديين والأجانب في نشاط التستر لايقلون سوءا عن جماعات الإرهاب الفكري والأمني وغلاة التطرف الاجتماعي ومنهم من يتعذر بعبارات تتفق مع رسائلهم بأن الأرض كلها لله والتجارة حلال مباح لا يحق لمخلوق منع الناس من التجارة وأن قيود العمل ليس لها أصل شرعي، ولكن هؤلاء جميعا من أشكال التنكر للأوطان والانقلاب عليها وعلى قيمها واستقرارها المالي والأمني والاجتماعي، لذلك أطلب أن يكون هناك دور أساسي للإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية من منابر الجمعة للتصدي من زاوية الدين لهذا الانحراف الفكري ضد الدولة والوطن.

وأطلب من الهيئات المهنية، ولحماية المهن والوطن والاقتصاد العمل على أن يكون لها دور فاعل في ضبط ومكافحة ما يحدث من تستر مهني في المحاسبة والمحاماة والهندسة، وهذا يتطلب توعية المجتمع الاقتصادي الذي غابت عنه الغرف التجارية والهيئات المهنية وانتشر بسبب هذا الغياب خبراء الشنطة في التدريب والخدمات المهنية والاستشارية وامتد إلى معظم شركات المقاولات.

وأذكّر وزارتي التجارة والعمل أن الاقتصاد والوطن بحاجة إلى محلات الفول والفلافل التي قد يعمل بها ويمتلكها أجانب ولا عيب في ترخيصها وإلا سنظل في دوامة التغافل عن أسباب تجذر أعمال التستر في وجدان المجتمع.

ولعل من المهم معالجة الجوانب الاجتماعية للتستر والتي ترتبط بأمور تتعلق بالجنسية والزواج من الأجنبي لشريحة ليست بالقليلة ولكنها مضطرة للتعايش بالتستر والمخالفة للنظام، ومعالجة هذه الجزئية من قبل وزارة الداخلية ستعالج بلا شك الكثير من المشكلات.

ويتبقى لمؤسسة النقد والبنوك مهام كبرى لكشف الأموال التي لا تتوافق مع تراخيص العمل والإقامة.

والجميع يعلم أن هناك جنسيات تحتكر أعمالا بواجهات سعودية لذلك على جميع الجھات ذات العلاقة التعاون بالتوعية المستمرة بمضار التستر وتبیان مخالفته للأنظمة المعمول بھا والعقوبات التي تطبق بحق المخالفين.

وبالتأكيد فإن حملة للتوعية ستكون أمرا مهما جدا قبل أن تتصدى النيابة العامة لكل متستر وشريكه الأجنبي بكل حزم حفاظا على الوطن وأمنه واقتصاده.

* كاتب سعودي

majedgaroub@