-A +A
عيسى الحليان
عندما نقول إن 75% من المعلمين المتقدمين لاختبار الكفايات الأساسية لم يتجاوز منهم الحد الأدنى للدرجات سوى 10%، وعندما نعلم أن 60% من المهندسين السعوديين لم يستطيعوا اجتياز اختبار أساسيات الهندسة وأساسيات العمارة FE في اختبار مركز «قياس»، وعندما نذكر أن 80 من الممرضات السعوديات لم يستطعن اجتياز اختبار هيئة التخصصات الطبية، وعندما نشير إلى أن 50% من المعلمين لم يتمكنوا من تجاوز اختبار القدرات الأساسية، ماذا تفهم من هذه النتائج التي تطرح عرضا، وبصورة متقطعة، وليس من خلال مؤسسات اعتماد تعليمي مستقلة تشمل كل التخصصات وتعلن نتائجها بصفة دورية، فيما الإشكالية هنا لا تكمن في هذه النتائج، ولكن فيما لا يتم قياسه، أو ما يتم قياسه ولا تعلن نتائجه، ومن يقيس من؟ دعونا نتناول هذه الإشكالية من خلال ما هو معلن، حول طبيعة ومستوى التأهيل التعليمي والمهني في بلادنا، ومدى علاقة ذلك بالبطالة أو أسواق العمل، وخصوصا في تخصصات أساسية بعضها ذو بعد قيمي وأخلاقي أكثر مما هو مهني أحيانا، يضاف لذلك إشكالية أخرى تقع في نفس المسار وهو غياب دور الهيئات والجمعيات التي تقوم بدور نقابي للمهن الأساسية كالمعلمين والمهندسين والمحامين والمهن الطبية المساعدة، والتي إما أن تكون غير موجودة، أو أنها موجودة ولكن غير جاهزة لأداء الحد الأدنى من الدور المطلوب، فالمهندس الذي لا يستطيع تجاوز الاختبار (الاختياري) للهيئة (هيئة المهندسين السعوديين) مثلا يستطيع ممارسة عمله المهني بشكل طبيعي، لأن هذا الاختبار ليس شرطا لمزاولة المهنة كما هو معمول به في نقابات بعض الدول وبدلا من ذلك يتم الاختبار بشكل اختياري لمن يرغب في البحث عن مزايا إضافية عند المفاضلة لوظيفة ما أو الترقية وغيرها.

هنا نحن بحاجة إذاً إلى استكمال الإطار التنظيمي والقانوني والمهني لمؤسسات القياس والاعتماد الأكاديمي والمهني، والتي من غيرها لن نعرف موقعنا من الإعراب في قياس هذه المخرجات، وإصدار تقارير سنوية مفصلة عن كل تخصص أو كل مؤسسة تعليمية لوضع النقاط على الحروف ولخلق المنافسة، ولا أعتقد أن أي بداية حقيقية لتطوير التعليم الجامعي تسبق مثل هذه الخطوة!