-A +A
وفاء الرشيد
كتبتُ منذ أسبوعين مقالة بعنوان «سرقوني سيبرالين»، ولقيت استعطافا وردود أفعال من القراء والجمهور لا مثيل لها... فبلدنا بخير وقلوبنا طيبة وناسنا من أجمل النفوس وأطهرها...

كان مختصر المقالة، لمن لم يقرأها، يتكلم عن تعرض حسابي البريدي إلى عملية اختراق قام المخترق من خلالها بمراسلة شركة الاستثمار التي أتعامل معها وطلب منهم تحويل أموال من حسابي، وأنا قد مضيت مع الشركة قبلها بأقل من أسبوع اتفاقية اعتماد التعامل عبر الإيميل والفاكس... فقام المخترق (الهاكر) بإرسال بريد إلكتروني مرفق به خطاب مزيف يحمل توقيعي الإلكتروني بأمر تحويل لحساب فتح باسمي مزيف كذلك ببريطانيا عبر بريدي الإلكتروني... المهم مدير حسابي بشركة الاستثمار السعوية قام بالتحويل بناء على البريد الإلكتروني فقط ولم يحرص على طلب الخطاب الأصل ولا مهاتفتي من هاتف مسجل كما عهدت أنا عندما كنت أعمل بعالم البنوك... وظل مدير حسابي على تواصل مع الهاكر بريديا خلال يوم كامل، حيث تم حجبي من جميع المراسلات، غير خلالها الهاكر عنوان التحويل 3 مرات بيوم واحد ولم يكلف نفسه بالاستفسارعما يحدث بين يديه! لم يفكر مدير الحساب للحظة بطلب خطاب الأصل مني... الكارثة أن التحويل تم بالمبلغ كاملا ولأني محجوبة من قبل الهاكر لا أرى أيا من هذه المراسلات بحسابي... وبعد رحلة طويلة سردتها بالمقال السابق رفعت القضية بهيئة سوق المال ورُفضت لعدم التخصص ثم استأنفت وعادت للجنة واليوم حكم لصالح شركة الاستثمار لأني باختصار قمت بتوقيع اتفاقية التعامل عن بعد (صك الموت)، وكل المطلوب من الشركة عند استلام أي بريد إلكتروني هو مطابقة التوقيع وكان مطابقا!


أي قانون وأمن استثماري نحن نعيشه وسط هذا العالم المتغير بالتطور التكنلوجي! وأي قانون ينص على أن مطابقة التوقيع تكفي بمعاملات هي بالملايين؟ أو هو المواطن ضد كيانات كبرى لها منظومتها وسمعتها التي لا تريد خلخلتها وكشف بواطنها أمام الكل... حتى لو كان الحل بشخطة قلم سيدفعها التأمين الذي يغطي هذه الشركات لأي خطأ تتعرض له.. ومن الذي يقرر كيف تدار هذه القوانين التي تنص مؤسسة النقد بالصريح أن الاتفاقيات البنكية يجب أن لا تخل بأمن المواطن، ومن يكتبها؟ من يفسرهذه الاتفاقيات أو من ينتقي منها ما يشتهي؟

هل نحن فعلا تحت رحمتهم ورحمة الأقوى في وطن نحن سواسية على أرضه! هناك خطأ حدث ويجب أن يصحح وإلا سيحدث مرارا طالما هذا هو موقفكم من التقدم الذي يعيشه العالم مبررين تقصيركم بقوانين فرغتموها من محتواها وأجهزتم بها على المواطن لتبرروا تقصيركم... لا يمكن أن ترضى مؤسسة النقد بأن تكون المراسلات الإلكترونية في هذا العصر الخطير سيبرالياً هي كافية للتصرف بأموالنا ونحن آمنون في بيوتنا...

أنا امرأة لا أستسلم ولا أنكسر وأحب وطني، وقضيتي اليوم هي ليست أنا وأموال أطفالي التي نهبت بسبب تقصير موظف يجلس في برج بين السحاب، بقدر ما هي قضية كل مواطن سعودي وقع اتفاقية التعامل عن بعد ونام بأمان في بيته.. هي قضية رأي عام أمام رأي خاص يجلس وراء مكتب بلجنة داخل هيئة ويبت بمصائر المواطنين بناء على قوانين ينظر إلى نصها ولا يتعامل مع روحها... من قال إن التوقيع الإلكتروني يكفي؟ ومن قال إن ورقة الطلب الأصل غير مطلوبة لإتمام التحويل؟ لن أستسلم ولن أخاف ولن أحبط، وبوابتي القادمة معكم ستكون مستويات أعلى، لإيماني الخالص بأننا نعيش زمنا جديدا ساد فيه العدل أكثر من الظلم، وبأني أنا مواطنة تستحق أن تسمع ممن له آذان وقلب يبت كإنسان ولا يتعامل معي كسطر في ورقة...

أنتم لديكم ملياراتكم وأنا أحمل قلمي... وصوتي... ولن أستسلم لأني بكل بساطة أحب وطني.

* كاتب سعودي

WwaaffaaA@