-A +A
هاني الظاهري
لسنوات طويلة عُرف معالي وزير الإعلام الأستاذ تركي الشبانة في الوسط الإعلامي كإداري فذ وجرّاح إعلامي متميز، لديه مهارة تحويل خسائر المؤسسات الإعلامية المترنحة إلى مكاسب من خلال تطوير محتواها وعقد الشراكات الرابحة، فهو رجل له أساليبه ووصفاته الخاصة، لأنه باختصار «شيخ طريقة» في الإعلام المرئي، ولعله من أكثر المجسدين للمثل الشعبي القديم «لكل شيخ طريقته».

في ديسمبر الماضي عندما تلقى الوسط الإعلامي السعودي خبر تعيين الشبانة وزيراً للإعلام، تسابق كثير من المختصين والإعلاميين وعدد لا بأس به من المتفذلكين لتقديم الرؤى والتوصيات والمقترحات للوزير الجديد.. تلك المقترحات التي يرى غالبيتهم أن من شأنها النهوض بالوزارة من سباتها ومعالجة مشاكلها التراكمية ذات التاريخ الطويل والمحفوفة بالتعقيدات التي أعجزت من قبله.


والحق أن الشبانة ليس استثناء، فهذا أمر يحدث مع كل وزير جديد يتسلم هذه المهمة الشائكة، لأن الحريصين على نهضة الإعلام السعودي كُثر، والباحثين عن المكاسب الشخصية أكثر، والوزير الذكي في حقيقته ليس سوى «جرّاح» يحتاج إلى استخدام مشرطه بحرفنة للفصل بين الاثنين، مع التركيز بشكل كامل على العملية الجراحية الأساسية المطلوب منه تنفيذها في جسد الإعلام السعودي الرسمي، فالوقت يمضي سريعاً وقطار الرؤية لن ينتظر أحداً وهو يشق طريقه بسرعة هائلة إلى عام 2030.

سيواجه الشبانة وهو في طريقه لتنفيذ مهمته الكثير من المطبات الطبيعية والاصطناعية، خصوصا تلك التي يصنعها ليلاً بعض من يعملون في وزارته، وسيجد أنهم يبتسمون له بكل حب صباحاً مؤكدين أن كل شيء على ما يرام، لكنه كجراح خبير عليه أن يدرك أسرار اللعبة سريعاً ويستخدم مشرطه لإزالة المطبات وصانعيها، هي عملية مشابهة تماما لتعقيم غرفة العمليات قبل البدء في التعامل مع جسد المريض لضمان نجاح العملية.

شخصياً أثق في قدرة ومهارة مشرط معالي الوزير تركي الشبانة، لكني مع ذلك أدرك جيداً حجم التعقيدات التي سيواجهها، وأعرف جيداً كمية طبقات الغبار التي تكسو أهم الملفات في وزارة الإعلام، ولذلك من واجبي ككاتب وكمستشار إعلامي وقبل ذلك كمواطن يهمه نجاح وتفوق إعلام وطنه الرسمي أن أقترح على معاليه ألا يبدأ عمليته الجراحية قبل تأكده تماما من «كنس وتعقيم» غرفة العمليات، فهذا الشيء الوحيد الذي يضمن عدم تجرثم جسد المريض وفشل العملية بسبب ذلك.

* كاتب سعودي

Hani_DH@

gm@mem-sa.com