-A +A
عبدالله صادق دحلان
أتابع سنويا وبكل اهتمام اجتماعات القمة العالمية للحكومات التي تعقد في دولة الإمارات في إمارة دبي على وجه الخصوص، وسبق أن حضرت شخصيا بعضها وكنت حريصا على متابعة جميع الاجتماعات السبعة وآخرها الذي عقد يوم 10 إلى 12 فبراير 2019 في مدينة جميرا بدبي بحضور 4000 مشارك من 140 دولة، من ضمنهم رؤساء دول وحكومات وقيادات من 30 منظمة دولية وإقليمية.

والقمة العالمية هي منصة حوار عالمية لعرض بعض نجاحات الحكومات والقيادات العالمية في بعض الخدمات المقدمة لشعوبهم، وتهدف إلى خدمة البشرية بصناعة مستقبل أفضل لهم يخدم 7 مليارات إنسان باستخدام الابتكارات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة لمعالجة التحديات والصعاب التي تواجه القيادات العالمية في إدارتها، وأصبحت القمة العالمية للقيادات محطة عالمية لتبادل الخبرات وقيادة التحولات النوعية في آليات العمل الحكومي، وبعد انعقاد القمة لسبع سنوات أصبحت هذه القمة أحد المؤتمرات المهمة جدا لقادة العالم، وتحرص القيادات العالمية على الحضور أو من يمثلها للاستفادة والإفادة من التجارب المطروحة.


ومن أقوى وأخطر التصريحات لأحد أهم القيادات الاقتصادية العالمية الحاضرة لقمة دبي 2019 هي تحذيرات المديرة العامة لصندوق النقد الدولي (كريستين لاغارد)، حيث قالت «إن الاقتصاد العالمي ينمو بشكل أبطأ من المتوقع»، محذرة من (عاصفة اقتصادية محتملة)، وذكرت وشبهت (لاغارد) أسباب العاصفة الاقتصادية (بالغيوم الأربع)، وهي التوترات التجارية، والرسوم الجمركية، والتشدد المالي، بالإضافة إلى عدم اليقين حول نتيجة (بريكست) وتباطؤ الاقتصاد الصيني.

وكان صندوق النقد الدولي تراجع في توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي وأشار إلى أن هناك تراجعا في النمو بنسبة 0.1% في عام 2020.

ورغم جميع الجهود المبذولة لتفادي الأزمة الاقتصادية إلا أن صندوق النقد الدولي يحذر من الأزمة الاقتصادية القادمة، وكأن هناك رؤية دولية لم نتمكن من رؤيتها محليا أو إقليميا.

وأنا شخصيا أتابع تصريحات قيادات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وقيادات اقتصادية عالمية أخرى تحذر وتنذر بعاصفة اقتصادية قادمة، ونحن في دول الخليج لم نسمع أو نقرأ أي تصريح لمسؤول اقتصادي خليجي رسمي يؤيد الصندوق الدولي أو يعارضه ولا نعلم ما هي الأزمة الاقتصادية القادمة لنا، وسؤالي هل نحن محصنون من الصدمات الاقتصادية؟ أو هل نحن قادرون على تجاوزها؟ وفي أي القطاعات الاقتصادية قد تكون هذه الأزمة لنأخذ حيطتنا. وفي الحقيقة لا زلنا ننتظر حتى من مجلس التعاون الخليجي توضيحا اقتصاديا رسميا عما يمكن أن نواجهه من أزمة اقتصادية حسب رأي مدير عام صندوق النقد الدولي وكيف نتجاوزها.

ومن أهم المشاريع الإنسانية التي طرحت في قمة القيادات الحكومية إعلان الخبير العالمي في القيادة ورائد الأعمال والناشط في المجالات الخيرية (طوني روبنز) عن تعاونه مع قيادة الإمارات العربية المتحدة حول القيام (بمشروع إنساني لإطعام مليار شخص).

ومن أهم وأبرز الوثائق في تاريخ القرن الماضي والحاضر كانت التوقيع على (وثيقة الأخوة الإنسانية)، والتي وقعت بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر (وقداسة البابا فرنسيس)، والتي تم الاتفاق على تدريسها في المدارس والجامعات الإماراتية ابتداء من العام الأكاديمي القادم.

وفي مجال الأمن الغذائي كان لإعلان ولي عهد دبي عن مدن المستقبل الواعدة والتوسع فيها أفقيا لتكون سلة الغذاء العالمية لتلبية احتياجات العدد المتعاظم لسكان الأرض، وهي خطة حديثة بأفكار وتقنيات متقدمة تسهم في زيادة المحصول الزراعي لتغطية الاحتياج العالمي.

وفي نهاية القمة كانت كلمات الممثل الناشط في مجال البيئة (هاريسون فورد) مؤثرة ومدوية في القمة، حيث قال (إن التغير المناخي الحقيقي هو الأزمة الأخلاقية الأعمق تأثيرا في حاضرنا ومستقبلنا).

انتهت قمة القيادات الحكومية الأسبوع الماضي بعد أن عرضت تجارب ناجحة في مكافحة الفقر والقضاء على الفساد الإداري والمالي.

وكم كنت أتمنى أن تكون مشاريع المملكة العملاقة المستقبلية قد عرضت في قمة القيادات، وعلى وجه الخصوص مشاريع توليد الطاقة الشمسية وهي من أكبر المشاريع في العالم، ومشروع (نيوم) وهو مشروع لتحويل الأراضي الصحراوية الساحلية إلى مدينة متكاملة، ومشروع (القدية) لتحويل الصحراء إلى مدينة ترفيهية.

إن فكرة المدن المستقبلية المتخصصة في زراعة الغذاء قد تكون ناجحة في المملكة، لاسيما أن المساحات المتوفرة للزراعة الاقتصادية قد تكون مناسبة في المملكة رغم قلة الماء.

ورغم أن التوجه العالمي للاستخدامات الإلكترونية وميكنة العمل الصناعي والإداري والخدمي إلا أن نتائجه ستكون سلبية على تشغيل العمالة مما يساهم في زيادة نسب البطالة وهي معادلة صعبة تحتاج إلى دراسة متأنية.

* كاتب اقتصادي سعودي