-A +A
وفاء الرشيد
سرقوني سيبرانياً منذ سنتين.. تحويشة العمر تبخرت بين «حانة ومانة»... «سيبرانياً» تعني عبر الفضاء الإلكتروني، حيث تم اختراق حسابي على الإنترنت وجهازي الحاسوبي بالعمل، وتم سرقة كل معلوماتي بعد انتحال شخصيتي، ومن بعدها تم إرسال خطاب مرفق من بريدي الإلكتروني بتوقيع

إلكتروني مني لمدير استثماراتي في أهم شركة إدارة استثمارات بالمملكة والتي يعمل على إدارتها تجار كبار وأشخاص نافذون، لم يهمهم ما حدث لي بعد مناشدتي لهم شخصياً برد المال المسلوب، قد يكون لأني امرأة أولاً، وقد يكون لأني لا أملك ثقلاً يحسب له حساب بين دهاليز عالم الأموال ثانياً.. قام المدير بتنفيذ أمر التحويل من حسابي، حسبما يقول، بعد التأكد من صحة التوقيع على أمر التحويل الوارد له من حسابي عبر الإيميل والفاكس. تخيلوا قام بذلك دون الرجوع إليّ! ولا التأكد من صحة الأمر أو صحة طلب المستفيد!! حيث غير المخترق السيبراني «المستفيد» ثلاث مرات في يوم واحد، ولم يرفع ذلك أي علم أحمر ينذر بالخطر لدى الشركة المالية، وتم التحويل بالرغم من كل المنذرات و«راحت فلوسي».


تواصلت مع الشرطة السعودية يومها وقالوا إن الأمر لا يندرج ضمن اختصاصاتهم!! كتبت شكوى لوزارة الداخلية ولم يرد أو يتواصل معي أحد! كتبت شكوى أخرى لمؤسسة النقد وكان ذات الرد.. هذا ليس من اختصاصاتنا! كتبت شكوى رابعة لهيئة سوق المال فتم تحويلها للجنة متخصصة لفض النزاعات لديهم هي (القاضي والجلاّد في نفس الوقت) فهي معنية بالمؤسسات التي تقع تحت مظلتها! الأمر تماماً كمن يضع لجنة في بيته لتحكم في النزاعات بينه وبين الجمهور... واترك البقية لكم...

ولا يخفى عليكم أن للشركات المالية ثقلا وأجنحة ومعارف ومحسوبيات لا يفصح عنها في دهاليز هذه الهيئات.

وما حدث كان كالتالي... رفضت الهيئة في البداية استقبال القضية التي تم رفعها على شركة الاستثمار لأن الاختراق السيبراني في مؤسسات إدارة الأموال ليس من تخصصها! وليس هناك ما يثبت اختراق حسابي، لتبدأ رحلة العناء والاستجداء لشركات الكمبيوتر أحمل جهازي باحثة عمن ينصفني ويثبت للجنة الموقرة أني لا أهلوس... تم تسليمي بعد ثمانية أشهر تقريراً يثبت اختراق الجهاز بعد دفع أكثر من 32 ألف ريال بين محلل ومدقق. التقرير يفيد بأن جهاز الحاسوب الخاص بي يحمل برنامج شادو shadow وهو برنامج اختراق واضح!!

الطامّة أن رد شركة الاستثمار يفيد بأن ذلك لا يثبت أن من أرسل الإيميل هو شخص آخر غيري أنا.. وأن الشركة محمية بعقد الأوامر عبر الإيميل والهاتف الذي وردهم بتوقيعي، الذي لو تمت قراءة بنوده لتبين جلياً أنها شهادة قبولي بحكم الإعدام.

أستأنفت الحكم في أروقة القضاء وحكم لي القاضي بأن يعاد فتح القضية لدى اللجنة وأن ينظر فيها من اللجنة المبجلة والتي مازالت إلى الآن تنظر بقضيتي، وقد تحكم بالأغلب ضدي بعد هذا المقال..

«وما بين حانة ومانة ضاعت لحانا».

أكتب قصتي لكم وأفتح صندوق أسراري من باب الحرص على مستقبل أبنائي، في وطن لا يضيّع صاحب الحق.. ليس فقط لأني أروم المساندة ممن قد يقرأ سطوري ضد المؤسسات المهيمنة فوق المواطن في هذه البلاد، هي سطور تدق جرس الإنذار لضياع قد يعايشه وسيعايشه أي مواطن يملك حساباً بنكياً أو استثمارياً.. قام بتوقيع اتفاقية إيميل وهاتف مع أي بنك أو شركة استثمار تحت مظلة مؤسسة النقد وهيئة سوق المال.

هي عقود نوقع عليها لكنها شهادة موت محتوم.. فالشروط في هذه الاتفاقيات هي شروط استشهادية تضمن للجهة المقابلة كامل الحماية وتجعل من صاحب الحساب الاستثماري كبشاً مستباحاً لمدير الحساب الشخصي ومديره الأعلى الذي سينظر إليك وقتها بكل استصغار..

والنتيجة بين «حانة ومانة» أن تعلن إفلاسك في القريب العاجل.. فالفاعل الحقيقي لا يخاف من العقاب القانوني، لسبب واحد وهو أن الحرامي الذي قام بالاختراق غير حاضر بيننا!!

آخر المؤشرات تبين أن 60% من الشركات الصغيرة أو المتوسطة التي تعرضت للاختراق تفشل وتغلق بعد اختراقها سيبرانياً. تعرض العالم إلى اختراق 3 بلايين اسم مستخدم في عام 2016 فقط، ففي كل ثانية يخسر العالم 33.700$ وهو ثلاثة أضعاف تكاليف الكوارث الطبيعية (300 مليار) حيث تكلف الهجمات السيبرانية العالم اليوم (تريليون دولار) حسب محاضرة الدكتور محمد المشيقح مستشار الهيئة العامة للأمن السيبراني في المملكة، فبنغلاديش تعرضت لسرقة 270 مليونا من البنك المركزي بسبب التهكير، وروسيا قامت باختراق مولدات الكهرباء بأوكرانيا لإطفائها حتى وصل الجيش إلى الحدود، وهناك من هدد بإيقاف (البيس ميكر) منظم القلب في صدر «ديك تشيني» من المخترقين، لتقوم الدنيا ولا تجلس يومها.

التقنية اليوم أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا، فهل نحن اليوم أكثر أمناً أو أقل أمناً؟ جامعاتنا تدرس تخصصات الأمن السيبراني لكن هل تعي مؤسساتنا الخطر القادم!؟ وهل أصبح تسارع التقنية اليوم أسرع من أدوات حماية هذه التقنية؟ وهل من يدير ويراقب عالم المال أصبح أهم من المواطن الذي عاد لبيته وقد استأمنهم على مستقبله ومستقبل أولاده؟!

أفتونا أثابكم الله..

* كاتبة سعودية

WwaaffaaA@