-A +A
عبده خال
«الله يسعدك ويوفقك»..

هي دعوة ألقتها إحدى المتصلات لضيف أحد البرامج.


ووووو.. المذيع الجهبذ طاش صوابه، فكيف لتلك الفتاة أن تكون سافرة اللفظ؟ وكيف لم يقم أهلها بتربيتها التربية التي تمنع جميع وسائل الغزل؟ وأنها بتلك الجملة هتكت حياءها وستدفع بنات جنسها للخروج متغزلات، وسيطفن في الشوارع وعند رؤيتهن لـ(مز) سيطاردنه بجملة «الله يسعد ويوفقك»... ولو فعلن ذلك وخرجت عليهن جهة قبض ما فستحمل المتغزلات جماعات وأفراداً وتقديمهن للنيابة بتهم اللفظ الفاضح أو التحرش، ساعتها ما الذي يمكن للنيابة فعله إذا تم القبض على كل من قال في الشارع: «الله يسعدك ويوفقك»..

حتما ستجد النيابة من المتهمين بقول تلك الجملة أعداداً طائلة ومنهم: الشحاذون والأصدقاء والعمال وأصحاب البقالات وعلى أبواب المساجد ونزلاء الفنادق وفي صالات المطار وعلى كل باب في وزارة أو مؤسسة شركة...يويويوه، ستنهك النيابة وستفكر ببناء سجون جديدة لاستيعاب تلك الأعداد المهولة، وأجزم بأنها ستفكر في تغليظ العقوبة على كل من يقول: «الله يسعدك ويوفقك».

ولأن الجملة تمس الحياء وتخدشه -حسب فهم المذيع- يصبح لزاماً ألا نعلم أولادنا مثل هذه الكلمات التي تقود إلى الغزل البواح والجرأة وقلة الحياء!.. طبعاً لن نستطيع إقناع المذيع الفلتة أن ما قالته الفتاة ما هو إلا دعاء، وقد فعلها الضيف أعاد إلى مسامع المذيع: يا أخي هذه دعوة.

فرد عليه الخائف على حمى المسلمات رافضاً بصلف: نحن لا نقبل مثل هذه الاتصالات، وأكد أن الجملة ما هي إلا غزل.. حتى إذا عاد في مقطع آخر للاعتذار عن تصرفه (حاس الدنيا حوس)، ولم يكن لبيباً فطناً بأنه أخطأ خطأ فاحشاً، بل واصل مشي النطيحة والمتردية.

يا جماعة الخير حتى الدعاء أصبح مدعاة للتأويل؟

في هذه الجزئية تذكرت أمسية أقيمت لي في نادي حائل، وهي الأمسية التي رافقني فيها رجال الشرطة ورجال الدين، كنت غير ملم بما يحدث في الصالة وخارجها، فقد وصلت من المطار إلى صالة النادي، وبدأت المحاضرة أمام وجوه تكره نفسها وتتسلح بالعبوس والتجهم، فبدأت محاضرتي بالذكر والثناء على الله، ثم صليت على النبي صلوات الله وسلامه عليه، ومضيت في الحديث عن المنظور الروائي، وكيف بإمكان الراوئي التسلل بين شخصيات الأحداث، وختمت المحاضرة بالحمد لله، وبدأت المداخلات، وكلها من أصحاب (البشوت)، وفلق أول المتحدثين رأسي بطامة عظيمة عندما قال:

- أستغرب أن يبدأ هذا المدعو بذكر الله والثناء عليه والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن شدة الغيظ رفعت صوتي على صوته:

- أوعدك المرة القادمة لن أفعلها!

هناك أناس يخرجونك عن الجادة من شدة كهنهم.

الآن وإذا أصبحت جملة «الله يسعدك ويوفقك» أحد المحظورات أعد المذيع ألاّ أكررها على مسامع أي حد.. ويا ويلنا من عقول بعضنا.