-A +A
عيسى الحليان
المملكة عملاق عالمي في مجال الطاقة والمعادن والصناعات والخدمات اللوجستية المتصلة بها، ولدينا potencial هائل قد لا يتوفر لغيرنا في جملة من القطاعات لو أحسنا توظيفها وتكاملها مع بعضها البعض كما ينبغي، وأعتقدنا أننا في طريقنا إلى ذلك من خلال رؤية 2030، كان ينقصنا عنصرا هاما في إدارة هذه الموارد هو integration، فلم نحسن صنعه كما يجب في الماضي بسبب تباعد المسافات بين الأجهزة والشركات الحكومية وعدم وجود منصة تندرج تحتها متطلبات هذه القطاعات وتتقاطع مع بعضها البعض لتحقيق الجدوى المطلوبة. معظم الدول تخشى قيام هذا المارد الاقتصادي الذي يتسم بوجود جملة من العناصر الاقتصادية والمزايا اللوجستية التي لا تتوافر لغيره كما أسلفت، وما كان ينقصنا لإطلاق هذا المارد من عقاله أعتقد بأنه يتوفر شيئا فشيئا في هذه المرحلة. أنا هنا لن أتحدث عن الأرقام التي أعلنت، فهي قد أعلنت في مؤتمر مبادرة الاستثمار في أكتوبر الماضي وتحديدا مساهمة هذا البرنامج بـ1.2 تريليون ريال، وتحقيق 1.6 مليون فرصة عمل، وجلب استثمارات تقدر بـ1.6 تريليون ريال، لكنني سوف أتحدث عن جانب آخر وهو اختلاف المنهجية في التخطيط والتنفيذ والتشغيل والآليات والأدوات المصاحبة، والتي كانت هي أولى المعوقات في وقت سابق، الآن كل العمليات تتم في مطبخ اقتصادي مركزي واحد، مع وجود مطابخ فرعية متعددة الأغراض (وحدات) وكل الطبخات لا بد أن تتم من خلال أو تحت إشراف هذا المطبخ المركزي الذي يتسم بالدقة وسرعة اتخاذ القرار في كل طبخة، ووجود مختبر لقياس جودة كل طبخة فيما كانت الخطط والبرامج والمشاريع الإقتصادية تنفصل عن سياقاتها الزمنية والمكانية في السابق، وتعتمد على ثقافة «خطابنا وخطابكم» المضاربة بأطنابها كآلية وحيدة للعمل، وبالتالي كانت هذه الأفكار والبرامج والمشاريع تقع ضحية تناحر هذه الجهات والوزارات على طريقة إقامة هذه البدائل الاقتصادية وطريقة تمويلها ومدى قناعة كل هذه الجهات مجتمعة بها أو بأسلوب تنفيذها، خصوصاً وأن كل وزارة أو جهة كانت تمسك بجزء من مكونات هذا المطبخ «حسب النظام» وهو ما أدى إلى تباعد المسافات وتشتت الجهود وكثرة الطهاة في الوجبة الواحدة.

اليوم أوجد مجلس الاقتصاد والتنمية حلا لهذه المعضلة التاريخية، كشرط أساسي لتحقيق تقدم حقيقي في إيجاد البدائل، حيث تم تحقيق التكامل بين القطاعات الأربعة الطاقة والصناعة والتعدين والخدمات اللوجستية لأول مرة حيث بعد أن كانت أنظمة كل جهة تتعارض مع الأخرى ونحن اليوم لا نتحدث عن اختلاف تكتيكي في المنهجية وأسلوب الإدارة، وإنما إستراتيجي لم تكتمل فصوله بعد. كنا ندرك طوال هذه العقود أن أزمتنا التنموية والاقتصادية لم تكن أزمة موارد وإنما أزمة إدارة وها هو المجلس يثبت صحة هذه المقولة بعد أن تحول إلى منصة عليا تنصهر وتتكامل فيها جهود هذه الجهات وتتقاطع مع بعضها في إطار هوية إدارية واقتصادية ومالية في طور التكوين حاليا، يدعمها سرعة اتخاذ القرار من عراب هذه الرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفقه الله.