-A +A
أحمد عوض
هل ستنجو أُمي من مقصلة عنصرية العنصريين؟!

أُمي بدوية ولم تخرج عن مراعي قبيلتها الممتدة من «الذاري إلى الجاري» والتهمت الحدود نصف هذه المراعي.. أُمي سعودية أصيلة وتنطق الكاف (چ) ككُل سكّان الخليج..


كذلك أُمي لا تعرف (للجليب) اسماً آخر، فهل هذا الأمر يُشكك في مدى سعوديتها وأصالة جنسيتها؟

قبل فترة قرأت لحساب في تويتر يطعن في أصول الناطقين بلهجة أُخرى غير لهجة قريته، رجل الشيب يملأ شعره من أُسرة كريمة ولديه أتباع ويتحدث عن أن من ينطق (القليب) (جليب) ليس سعودياً أصيلاً!

أُمي البدوية الجميلة وبحكم من شخص عنصري لا يرى سوى لهجة قريته ممثلاً للسعودية تتحول إلى شخص غريب عن هذه الأرض، تُسلب منها مواطنتها الأصيلة فقط لأنها في مراعي قبيلتها لا تُسمي (الجليب) (قِليب)..

حاولت مناقشته، ولكن اتضح أن العنصري لا يعي سوى أمر واحد إما أن ترضخ لعنصريتي أو لا شيء آخر..

أي عنصري يهاجم السعودية هاجمه بما يتناسب وعنصريته، لكن لا تستخدم العنصرية سيفاً تُسلطه على رقاب السعوديين..

أُمي إنسانة عظيمة.. لم نتعلم منها سوى كيف نواجه متاعب الحياة بصبر وجلد، لم تزرع فينا سوى «تكبر الصغار وتَجْلَى الغبار»، لم تُحرضنا يوماً على وطننا، لم تثنِ أخي عن اللحاق بركب جنودنا الأبطال لقتال الحوثي، ولم تثنِ أخي عن أن يكون أول الجنود الذين وطأت أقدامهم أرض البحرين لإنقاذها، أُمي حتى حين فقدت ابنتها نتيجة خطأ سائق باص المدرسة لم تصنع من الأمر مادّة، طلبت التنازل عن الرجل وأن يذهب إلى أُسرته وألاّ يُحاسب في عمله.

ما الذي فعلته أُمي لتكون مُهددة وكما حال الكثير مثلها في مواطنتها فقط لأن هناك عنصرياً يرى أن السعوديّة لهجتها هي لهجة القرية التي ينتمي لها؟!

أُمي إنسانة عظيمة وجميلة ونقية ولأنها كذلك كتبت هذا المقال، موجهاً رسالتي للذين ينشرون الحقد والعنصرية بين الناس، لا تؤذونا في أحبابنا، أُمهاتنا أغلى ما نملك، لا تجعلوا من عنصريتكم سلاحاً تواجهون بِهِ أُمهاتنا..

أخيراً..

أُمي سعوديّة أباً عن جد، قبور أجدادها تملأ «سِماح» و«الدليمية» و«الوقبا» وليست طارئة على هذه الأرض، أُمي قدّمت للوطن ما لم يُقدمه هؤلاء المهووسون بالعنصرية المقيتة، أُمي واجهت أيّاماً مُرّة كانت تنام جائعة لكي لا نجوع نحنُ أطفالها، حقها على هذا الوطن أن يكف أذى العنصريين الجُدد الذين يرون في لهجات الآخرين باباً ليطعنوا في أصولهم..

* كاتب سعودي

ahmadd1980d@gmail.com