-A +A
حسين شبكشي
أداء الوزارات في المملكة العربية السعودية ليس على نفس الوتيرة. هناك من أجاد وطور في الجهاز وحقق إنجازات يشهد لها كل عاقل ومنصف، وهناك من أخفق وكان الإنجاز والأداء دون المأمول والمنشود والمطلوب. فها هي وزارة الطاقة تواصل تقديم المشاريع العملاقة في الداخل والخارج ناجحة في الحفاظ على القيمة التنافسية لمكانة المملكة في هذه السوق المعقدة والظروف الاستثنائية. وها هي وزارة الزراعة تواصل أداءها المميز عبر توسيع رقعتها الزراعية بإضافة محاصيل فيها ميزة تنافسية تجعل للسلعة السعودية مكانة خاصة في السوق العالمية مثل الورود والتمور والرمان والعنب والزيتون والمانجا وأخيرا البن. وكذلك هناك أداء جيد وتفوق ملحوظ لوزارة النقل التي أدخلت المهنية والالتزام الجدي فيها وباتت مشاريعها العملاقة نقط تحول إيجابية واضحة. ووزارة العدل تشهد تطويرا في معاملاتها الإلكترونية للتسهيل على حياة المواطن، وجعل بعض المسائل من البديهيات العملية الخالية من التعقيدات البشرية. وهناك أداء جيد لوزارة الحج التي تخطو بجدية نحو تطوير الخدمات لمصاحبة التحدي المنتظر والمتعلق بالتجهيزات المطلوبة لاستقبال أعداد مضاعفة من الحجاج والزوار. وفي المقابل هناك وزارات أقل ما يقال عنها أنها لم تحقق ما كان مأمولا منها، ولعل على رأسها وزارة التجارة. تقليديا كانت هذه الوزارة مؤشر قياس الحراك الاقتصادي وتحديدا بعدد السجلات التي يتم فتحها سنويا والرسوم التي يتم تحصيلها من فتح هذه السجلات «الجديدة»، لأنها دلالة أن الاقتصاد نشيط وينمو ولكن كما هو معروف وأكده تقرير صحفي في جريدة «الوطن» أن هناك 26 منشأة تغادر سوق العمل بشكل يومي، حتما هناك مشكلة ما يجب التعمق فيها ومواجهتها، فمهمة أي وزارة تجارة هي المساعدة على فتح أكبر عدد من المنشآت والحفاظ عليها بإزالة العقبات وليس إغلاقها، خصوصا في ظل وجود تحد واضح ومهم للبطالة وضرورة توظيف الشباب والشابات، وهذا سيكون تحديا في غاية الصعوبة في ظل سوق تغلق فيه المنشآت بهذا الشكل. هناك مشكلة ما بحاجة للمواجهة والمصارحة لعلاج الوضع، وما تطرقنا إليه هنا مسألة ليست سرا، والوزارة تدرك ذلك جيدا، وتم تناوله في حوارات ومقالات سابقة. وهناك وزارة الصحة التي تواجه هي الأخرى تحديات مهمة من نوع آخر، تحديات في توظيف السعوديين الخريجين بتخصصات صحية ولكن عنق الزجاجة البيروقراطية يبقيهم في خانة البطالة بلا إجابات مقنعة عن السؤال المحير لسبب عدم التعيين، ولا تزال الوزارة في حالة صراع مستمر للقضاء على مرض الكورونا الذي لا يزال موجودا ويواصل تسجيل الإصابات دون تفسير منطقي لسبب طول المدة دون القضاء عليه، وكذلك لا تزال تحديات الخصخصة والتأمين الصحي المنافس مسائل تعيق تطوير القطاع بشكل عام، وهذا قد يفسر قلة الاستثمار الأجنبي في سوق من الناحية الرقمية والعددية والمنطقية يبدو واعدا جدا. الأداء الوزاري من المعروف أن يكون كالأداء الأوركسترالي، فرقة كاملة تعزف من ذات اللحن ومن شذ عن الأداء كان نشازا وجب إصلاحه.

* كاتب سعودي