-A +A
علي محمد الرابغي
أحسب أني قد لقيت مشقة في أن أكتب عن هذا الكتاب.. وأن أتجرد من العاطفة حتى أخرج من دائرة الجاذبية الشخصية إلى أفق سماء المعرفة.. قد جاء كتاب الزميل والصديق محمد أحمد الصبيحي (رحلة الأيام وذكريات في الإعلام).. وهذا عنوان سجعي قد امتلأ حتى الحافة بذكريات عزيزة وغزيرة.. فالزميل الصبيحي لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وحرص على أن يستوفيها حقها.. وإن كان هذا جاء امتحانا لذاكرته.. إلا أنه استطاع أن يجتاز هذا الامتحان بتقدير امتياز.

الصبيحي الذي أهله صوته:


لم يكن الصبيحي في بداياته في دائرة المعرفة والإعلام.. وإنما كان يكابد في هذه الحياة من أجل أن يؤسس لمستقبل كريم.. فتقلب في الوظائف (الحكومية) حتى أتيحت له فرصة الإعلام.. يوم أن كان الإعلام في أيد مثقفة بل عالية الثقافة.. وأمينة على هذا المرفق الذي هو من أهم أدوات الإعلام.. أعني بذلك معالي الأستاذ جميل الحجيلان (أبوالإعلام) وعرابه..وعباس غزاوي الرجل الذي كان كفؤا لما يمثله من قدرة واقتدار على رعاية الإعلام.. وأنا (وأعوذ بالله من الأنا) عندما أتكلم عن الحجيلان وعباس غزاوي فإني أصدر عن يقين وثقة اكتسبتها من العمل تحت إدارة هذين العلمين.. رحم الله عباس غزاوي وجزاه عنا الجزاء الأوفى عن ما قدمه لوطنه وأبناء وطنه.. وأمد الله شيخنا وأستاذنا جميل الحجيلان بالعفو والعافية.. وسيظل الحجيلان والغزاوي علامتين فارقتين في جبين هذا الوطن وتاريخه.

أعود إلى كتاب الزميل الصبيحي وأكاد أغبطه على هذه القدرة التي فرغها بين دفتي كتابه رحلة الأيام وذكريات في الإعلام.. الذي جاء رصدا حقيقيا للأيام التي عاشها الزميل وعشناها معا.. واستطاع وبقدرة واقتدار وكفاءة أن يجعل من هذا الكتاب رحلة.. استوعب فيها بل واستقطب فيها شخصيات عريقة وبارزة.. تركت بصماتها عبر الأيام في لوحة هذا الوطن إضاءة وإشراقا وتاريخا لكل الشخصيات التي مر بها الصبيحي في حياته.. وهو بذلك يعمل (إعلاميا) على إيفاء كل من عمل معهم وتحت إدارته وكل من زامله.. فأكسب كتابه عدة مزايا.. غطى بها التاريخ والجغرافيا.. وأحسب أنني لا أتجاوز الحقيقة إن قلت إن الصبيحي الذي أهله صوته وأكسبه النجومية كان أهلا لها.. إذ زاملته عن قرب.. فكان وفيا وأمينا لمهنته ولزملاء المهنة.. وأصبح في فترة بسيطة من أساطين الميكرفون في الإذاعة ومن ثم في التليفزيون.. واستطاع من خلال هذه القدرة والموهبة أن يجتاز مراحل الدراسة في فترات متأخرة من العمر.. ووصل في السلم التعليمي إلى آخر درجاته بحصوله على شهادة الدكتوراه من أمريكا.. وعاد مدججا بالمعرفة والعلم وفن الإعلام وسخر كل ذلك لخدمة بلاده ومليكه.

كتاب الصبيحي:

يأتي وبحق موسوعة إعلامية وتاريخية.. علها تفيد جيل هذا اليوم والأجيال القادمة في فن الكفاح وعدم اليأس والإصرار على الارتقاء إلى الدرجات العليا.

يأتي هذا الكتاب حقيقة ليكون رصدا تاريخيا لهذا البلد ولمعالمه من الرجال الذين أسهموا في صناعة الثقافة والمعرفة والعلم والتعليم.. الذي ترك بصماته في كثير من شباب جيلي وجيل الزميل الصبيحي.. وأثرى حياتنا باليقين الخالص بأن الوطن هو مصدر القوة.. والإيمان به وبمواطنيه هو القدرة على التفوق والنبوغ.. أحسب أن رحلة الأيام.. أيام الصبيحي ورفاقه وجمهوره على بساطتها وعفويتها إلا أنها كانت حافلة بالعطاء وبالقدرة الإيجابية والنحت من الصخر.. هذه لمحات وفي عجالة اقتطفتها من واحة الزميل.. ولقيت فيها ذكريات عزيزة تؤصل لتلك الأيام والتي امتد أثرها حتى الآن.. بارك الله بالزميل الكبير الدكتور محمد أحمد الصبيحي وكل من زامله وكل من أسهم في المنظومة الإعلامية.. رغم الظروف المتواضعة حتى بلغنا هذا المستوى المتقدم.. وحسبي الله ونعم الوكيل.

* كاتب سعودي

alialrabghi9@gmail.com