-A +A
حسين شبكشي
وزير تعليم جديد في السعودية. ليس من المبالغة في القول حينما يتم ترديد أن «أسخن» كرسي في المسؤوليات الوزارية السعودية اليوم هو كرسي التعليم. هناك دوران في تداول هذا المنصب تحديدا، والكل يتذكر الشخصيات المختلفة والمتنوعة التي مرت عليه، وهي الشخصيات التي تباينت في تنوعها ما بين كم كان مجاهدا ومن كان مجتهدا، ومن كان سلبيا ومن كان منظرا ومن كان غائبا ومن كان ولم يكن. المنصب صعب والمهمة أصعب. كل الخطط التنموية والأهداف الاقتصادية والتوجهات التوظيفية والطموح بمختلف أطيافه يعتمد كله على قاعدة صلبة جدا من البنية التحتية للجهاز التعليمي. ومن المطلوب لحظة مصارحة ومواجهة حرة وجريئة وصادقة وأمينة مع النفس، بعيدة كل البعد عن الأطروحات العاطفية ورفع شعارات الوطنية والتهديد بخطر التغريب والفزاعات المشابهة. لدينا كارثة حقيقية في مخرجات التعليم. المناهج الدراسية اليوم وأسلوب التدريس أقل ما يقال عنهما أنهما غير قادرين على المنافسة مع مخرجات التعليم مع دول أخرى مختلفة، ولا أقول دولا من العالم الصناعي الأول ولكن مع دول من العالم الثالث حتى. علاج التعليم لن يكون بترميم ما هو موجود وحاليا، فهذا الأسلوب لن يجدي ولن يكون مفيدا. الحل هو تغيير جذري وصادم للقطاع. السعودية دولة عضو في مجموعة العشرين. دولة تسوق نفسها على أنها جزء من أهم كيان اقتصادي والنادي النخبوي الذي يضم أهم 20 دولة، وهي عضو في أهم المجتمعات والمنظمات الدولية. فهل تعكس بيئة التعلم والتعليم ذلك؟ هل المناهج فيها تاريخ الحضارات ودراسة الشخصيات العالمية المؤثرة؟ هل فيها تشجيع التعرف على ثقافة الآخر عبر معرفة فنونهم ورواياتهم وموسيقاهم ومسرحياتهم؟ التعليم هو رسائل تبث روح الثقة والاعتزاز بالانفتاح على الآخر بدلا من زرع الشك والريبة والقلق والخوف من الآخر الذي ستكون نتائجه الحتمية بعد ذلك خليطا محترما من التكفير والتشكيك والتخوين. وزير التعليم الجديد مطالب بإحداث خطوات «مختلفة»، مطالب بجلب استثمارات في قطاع التعليم والسماح بامتيازات (فرانشايز) عالمي في ذلك القطاع من جامعات وكليات ومعاهد ومدارس ذات أسماء تكون لها القدرة على إضافة قيمة مضافة فورية. السماح بتكوين مجلس استشاري مع القطاع الخاص يؤخذ فيه الرأي المفيد حتى يكون القطاع موجها بشكل صحي نحو سوق العمل المنشود. هناك العديد من المقترحات الموجودة التي تستحق السماح لها. باب منصب وزير التعليم دوار والكرسي ساخن جدا، ولذلك المنصب «قصير الأجل»، وبالتالي على الوزير الجديد أن يقوم بصنع القرارات الصادمة ولكنها المفيدة. أن يعمل ما هو مطلوب بدلا مما هو مريح. لا يسعنا إلا أن نتمنى له التوفيق فنجاحه نجاح للكل.

* كاتب سعودي