-A +A
مها الشهري
الحديث عن بناء مشروع للتربية الوطنية، يقتضي انتشال الفكر الاجتماعي من الانتماء النفسي لأي شكل من الممارسات الجانحة والبعيدة فكريا أو سلوكيا عن الإحساس بحق الذات، ذلك بالتركيز على دور الفرد الفاعل في المجتمع، بمقابل إيجاد مشروع إنساني يبني المواطن الصالح، ويعيد صياغة الفكر بالتركيز على مبدأ البحث عن الهوية.

من الملاحظ أن تخلف السلوك دائما في تعاملاتنا يُناط بالهوية، ومنه يظهر التمرد والانحراف في فئة الشباب على الوجه الخاص، وحينما يتهرب الفرد من أخطائه فهو يعلقها على ذلك المبرر، وكأنه يشير إلى أن البيئة والهوية تجعلانه سيئا، وأن أي سلوك متحضر يضعه في قائمة المتخلفين عن السائد، فهذا المنحى يشكل ثغرة قد يمرر من خلالها أي فكرة تجعل الفرد يبحث فيها عن الانتماء ويحقق بها ذاته بشكل بعيد عن التصاقه بهويته، فهو ينفصل عنها ويطمح إلى إيجاد قيمة ومعنى لوجوده، ولكن على طريقته وبدافع حاجاته، وفي الوقت نفسه يريد أن يعبر عن نفسه انطلاقا من الذاتية، سواء كان سلبيا ذلك الاتجاه أم إيجابيا.


استيعاب هذه الحلقة المفقودة هو السبيل على التوجيه نحو الولاء النفسي والاجتماعي وبناء الهوية الذي يبدأ من حاجة الإنسان إلى حقوقه وتحقيق ذاته كمواطن، وبالتالي ينظر إلى نفسه وما يترتب عليها من الواجبات، فإذا كان هناك توازن بين الحقوق والواجبات فسيكون هناك تعميق حقيقي لمفهوم الانتماء الوطني والهوية الوطنية، وعلى سبيل المثال فحينما يعتني أحدنا بأبنائه ويمنحهم كفاياتهم من الرعاية والفهم والاحتياجات والشعور بالفاعلية وأهمية الدور، فالابن لن يصيغ أفكاره ويبحث عما يلبي احتياجاته خارج إطار أسرته، وسيشعر بقدر من الرضا الذي يجعله يشعر بقيمة الانتماء إلى ذلك المكان.

مفهوم الهوية لدى الشباب والقدرة على استيعابهم يشكل تحديا حقيقيا في هذا الوقت، لذلك لا بد من توجيه البرامج التي تستميل هواياتهم وتخاطب عقولهم، وهناك الكثير من الفرص التي يجد فيها الشباب مكانا للتميز والإبداع بالطرق التي تقوي ولاء الفرد وفهم هويته لما يصلح لنفسه ومجتمعه.

* كاتبة سعودية