-A +A
عبير الفوزان
أملك عددا لا يحصى من الأجندات ودفاتر المذكرات التي كنت أبدأ فيها أعوامي القديمة والسابقة بكتابة الخزعبلات أو الذكريات.. بعدها بأيام أو بشهر على الأكثر أتوقف عن الاحتفال وتسجيل مذكراتي ليصبح عامي الجديد لا يختلف كثيرا عما سبقه، هذا ما يبدو من وهلة الأشهر الأولى.

أعاني من مأزق التكرار، لكن عندما ينتصف العام أكتشف أني تبدلت كثيرا دون أن أدري، فأصبح - مثلا- صعبة المراس أكثر.. بصديقات أقل.. بوحدة أكثر.. مسكونة بالهواجس وعدم التصديق لما يمر بي من أحداث سواء كانت مقروءة أو مكتوبة. مع مرور الأعوام اكتشفت أني لا أجد سعادة إلاّ في التذكر أتبينها من شبح ابتسامة صفراء تطفو على وجهي... هكذا أظنها صفراء مع قليل من المرارة.


دوما كنت أتمنى لو لم يغادرنا العام.. لو أقبض على الزمن.. لو أقبض على ما كنته قبل عام أو عامين أو ثلاثة أو حتى عشرة.

دوما.. أقف مدهوشة من شعور الناس بالفرح أمام العام الجديد، بينما عامهم الذي عاشوا فيه قد مات، ودفنوه مع أول يوم في يناير وسط صراخ أهوج.

لم أحتفل يوما بعام جديد، بل كنت أنتهزه فرصة لتنظيف الأدراج من سطوة الغبار، وأنفض عن بعض الكتب أنيميا الرفوف التي أصابتها مع التقادم.. لكن تظل صفراء باهتة.. أعيد إنعاش ذاكرتي بقليل من التصفح بقراءة قصاصات من ذكريات سابقة كانت تتضمن قرارات مضحكة.. أذكر أحدها ألا أعيد إرسال رسالة (جزء من النص مفقود).. وأذكر منها أن أقرأ كل أسبوع كتابا، وآخر أتخلص من ملابس مضت عليها سنة لم أرتدها.. ما أسخف تلك القرارات التي لا تليق بعام ملؤه التحفز وانتظار الصعب بقلب من حديد!.

* كاتبة سعودية

abeeralfowzan@hotmail.com