-A +A
ريهام زامكه
دعتني إحداهن من غير مناسبة إلى مناسبة، وكان المجلس مكتظاً بالنساء وعامراً ما شاء الله بالحَش والنميمة والكلام الفاضي، وتشعب الحديث إلى أن وصل إلى الموضة والجمال و(خلطات) تطويل الشعر وتقصير اللسان، وانفتحت سيرة (الفاشونيستات) وتعددت الأسماء بين النساء، وهنا شعرت لوهلة وكأنني مغيبة عن العالم والأحداث، لأني لم أعرف ولا اسماً واحداً من الأسماء التي تداولتها البنات، فاستمعت لأحاديثهن الشيقة وأنا مبتسمة وملتزمة الصمت!

وكما تعلمون، (الفاشينيستا) هو الشخص الذي لا يمشي على الموضة، بل ينسق أزياءه بنفسه وبحسب ذوقه الشخصي حتى لو كان خايساً (مثل وجهه) ليكون مميزاً بمظهره.


وغالباً ينتشرون على مواقع التواصل الاجتماعي ويعرضون تفاصيل حياتهم، ويتم التعامل معهم لأغراض تسويقية بحتة حتى وإن كانت المنتجات رديئة لأن المادة تحكمهم في الأول وفي الأخير، فيقبضون ثمن التسويق لهذه السلعة أو المكان بالشكل المطلوب وحسب المبلغ المدفوع.

ومن يبحث في هذا العالم الغريب سوف يجد العجب، فتلك الظاهرة تؤثر على السلوك الإنساني وتعتمد على التسويق بغض النظر عن المصداقية، وللأسف هناك قطيع يتبعون الأشخاص ويقلدونهم حتى لو دخلوا جحر ضب!

وقد شاهدت عدة نماذج، منها فيديو متداول لواحدة مُقرفة تزعم أنها (فاشونيسطا) ولكنها في الواقع (فاشو - رُعب) لا وجهها يساعد ولا شخصيتها كذلك، أظنها كانت تُسوق لمطعم وصورت نفسها وهي تلتهم قطعة من الدجاج، وحقيقةً المشهد أصابني بالغثيان وجعلني أترحم على تلك الدجاجة المسكينة التي أوقعها حظها العاثر بين هذا الفك المُفترس، وما زادني قرفاً منظرها المقزز وهي تنقض على الأكل (بفجعة) ودون أي مراعاة (لكبودنا) التي حامت ولا للذوق العام وإتيكيت الأكل والتصوير، ناهيكم عن منظر الدجاج الذي لا أحبه ولا تربطني به أي صلة لا من قريب ولا من بعيد.

وشاهدت أخرى تدعي مواكبة آخر صيحات الموضة وترتدي جميع (خلاقينها) دفعةً واحدة، ثم (تُلطخ) نفسها بعشرة كيلو من الميك آب، وبعدها لا تدع لوناً من ألوان الطيف على قلبها إلا وتضعه على وجهها، مستخدمة (الكونتور) السحري ومُرتدية (المكانس) الصناعية التي تباع حصرياً في (المكان الفلاني) والذي يجعل منظر عينيك كعيني الغزال، وفي الواقع وجهها كله (Fake) وغير حقيقي ولا يشبه حتى واحداً من أشباهها الأربعين!

والله أني حمدت الله كثيراً على نعمة العقل الذي يحكم تصرفاتنا ولا يجعل من الإنسان أضحوكة و(أراقوز) يضحك الناس عليه ارضاءً فقط لمن يدفع أكثر.

لذا يا فاشينستات العالم أرجوكم، ارحمونا من كذبكم وتهاويلكم، فمناظركم فعلياً تصيبنا بتلوث بصري إلا من رحم ربي منكم، وإن لم يكن لديكم شيء مفيد لتقدموه أو تسوقوا له، حبذا لو تبحثون عن أي شيءٍ آخر (تفلحون) فيه.

ونصيحتي، كوني مُنتجة حقيقية أفضل من أن تكوني مُسوقة خيالية بعيدة عن الواقع والصدق والأمانة لمجرد الحصول على المال.

وأخيراً قرأت خبراً عن فاشونيستا تقول إن دخلها السنوي يتجاوز المليون دينار (اللهم لا حسد)، إن صح هذا الخبر أرجو من أي (فاشونيسطا) محترمة تقرأ مقالي هذا أن تراسلني وتعلمني الطريقة فوراً، وحينها تجاهلوا مثاليتي ونصائحي (بلا مُنتجة بلا هَم) فالرصيد البنكي في هذا الزمان أغلى وأهم، وبعدها يا قرائي الأعزاء أرجوكم لا أعرفكم ولا تعرفوني.

* كاتبة سعودية

Twitter: @rzamka

rehamzamkah@yahoo.com