-A +A
محمد الساعد
عندما لم تؤدِ التسريبات الأولية ضد السعودية في قضية اختفاء جمال خاشقجي المطلوب منها، بالرغم من إدارتها بكثير من المكر والخديعة من قبل حكومة أردوغان بمساعدة مؤكدة من الإعلام القطري الرسمي المتمثل في قناة الجزيرة وإعلام الظل الذي تموله وتديره الدوحة.

بدأ القطريون والأتراك في إعادة تقييم الموقف من السعودية كدولة ومن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحديداً.


إعادة التقييم تقول حسب تفسير تصرفاتهما، إنهما غير قادرين على التعايش مع ولي العهد السعودي ولا يستطيعان انتظار خمسين عاماً مع زعيم بهذه القوة والصلابة، ولذلك بني الموقف الإستراتيجي التركي - القطري على ثلاثة محاور رئيسية يتفرع منها الكثير من التكتيكات لمواجهة السعودية ومهاجمة الأمير محمد، وجاءت على النحو التالي:

أولاً: العمل الدؤوب والمستمر على محاولة الفصل التام بين الرياض وواشنطن، بإحداث وقيعة تقتل التحالف المستمر بينهما منذ أكثر من 80 عاماً، وهذا ما تحاوله قطر منذ 2001 عندما استفادت من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقتها عملت المكنة القطرية على تعزيز الاتهام، بل إن حمد بن جاسم انتقل إلى واشنطن فعلياً ملتقياً بمئات من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ والسياسيين المستقلين ووسائل الإعلام والنخب ومراكز الأبحاث محرضاً وداعياً أمريكا للتخلي عن الرياض، ومتهماً نظامها السياسي والديني بالمسؤولية عن الأحداث الجسيمة التي ثبت فيما بعد أنها من صنيعة القاعدة الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان الحليف الإستراتيجي لقطر، اليوم دخلت تركيا على نفس الخط لفصل هذا التحالف الإستراتيجي؛ لأن التحليل القطري - التركي يقول إن تخلي واشنطن عن الرياض هو بداية الطريق للقضاء على المملكة التي وقفت سداً عصياً عليهم وعلى كل مخططاتهم ومؤامراتهم.

ثانياً: إعاقة تقدم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي سياسياً، ومحاولة إحراقه واغتياله معنوياً وتشويه صورته دولياً عبر تعظيم ذلك في الإعلام الغربي المتحالف والمدفوع له قطرياً.

ثالثاً: تحريض الشركات والمؤسسات الدولية لإيقاف تعاملاتها مع الرياض لإيقاف المشاريع السعودية وإطفاء اندفاع العالم نحوها، لأن قيام نهضة في الرياض يعني بكل تأكيد انطفاءها في أنقرة وإسطنبول، وهذا أمر تتشارك في الانزعاج منه تركيا وقطر وإيران وبعض الدول الغربية.

الأتراك والقطريون وجدوا في قضية خاشقجي فرصة هائلة لتصفية الحساب مع المملكة نظاماً وقيادة، وحاولوا استثمارها إلى حدودها القصوى، بل تعدوا ذلك إلى البجاحة وإحراق القضية.

النتيجة في نهاية كل تلك الزوابع انتهت لصالح الأمير ولصالح السعودية، هذا ليس كلاماً في الهواء ولا تقدمه العواطف، بل الحقائق على الأرض سياسياً واستثمارياً، فرؤية كبار القادة والحكام يتقدمون لاستقبال الأمير، ويرمم الزعماء الغربيون علاقاتهم بالرياض، إضافة الى مسارعة شركات الطاقة والنفط والصناعات الملحقة بها لتوقيع عقودها مع الرياض للاستثمار في مدينة الملك سلمان للطاقة، تعطي إشارة من مئات الملاحظات في طريق الانتصار السعودي.

هل قبلت تركيا وقطر بالنتائج المخيبة لهما.. بالطبع لا، وهاهما اليوم يحاولان اللحاق بالسعودية في ربع الساعة الأخير من قضية إسطنبول لعلهما يحققان ما فشلا في تحقيقه طوال شهرين وأكثر من صناعة أكبر حملة تحريض ضدها.

سؤال آخر يقول هل سيسعفهما الوقت أم لا، وهل سيدفعان ثمن غدرهما بالرياض على الأقل سياسياً واقتصادياً، لا شك أن الأمر مرهون بحلم وصبر الرياض وقبولها للتعايش مع هذا المستوى من الحرب المفتوحة التي تعيد إنتاجها إسطنبول كما فعلت قبل مئتي عام، الرياض عودتنا دائماً على قدرتها بالتحرك حسب زمانها لا زمن الآخرين، واتخاذ خياراتها حسب مصالحها لا تحت ضغوط الأزمات، أنه بالتحديد سر نجاح الرياض الدائم.

* كاتب سعودي