-A +A
ريهام زامكه
أعيش هذه الفترة شبه منعزلة عن العالم والناس، بعيدة تماماً عن كل شيء، وكل أحد، وقريبة جداً من نفسي، بمحاسنها ومساوئها، أعدد ذنوبي، ولا أصحح من أخطائي، ضميري مرتاح، وراضية عن ذاتي، بخيرها وشرها، أسامرها طوال الليل، وأتحدث معها، نضحك ونبكي، ونُقلب سوياً مواجعنا، وذكرياتنا، وهمومنا، وأفراحنا، وآمالنا، وأمنياتنا.

ونبحث في سواد الليل عن ملامح الوجوه التي افتقدناها بعدما كُنا نتقاسم معها الفرح، والأُنس، والحب، والسعادة.


هاتفتني معاتبة صديقة لي، وهي في الواقع (كالفيل) في وزنها، ولكن الحق يُقال هي (كالكلب) في وفائها، وإن كانت (كالحمار) في غبائها في بعض الأحيان لكنها (تمُون)، ودون مقدمات عزمت نفسها على العشاء عندي وقبلت عزومتها على مضض.

قالت لي إنها قررت أن تصبح (مُسقفة) وتقرأ كثيراً، فشجعتها وقلت لها لأول مرة في حياتك تقررين قراراً صائباً ومفيداً، (فكبرت) رأس أختنا في الله وقالت لي اسمعي قرأت أخيراً عن أنواع الرجال ونفسياتهم، فاستمعت إليها مُرغمة، لأحاول فك الرموز النفسية الذكورية، ولأن الفضول يساورني دائماً عن ماهية أحاديث الرجال عن النساء، واهتماماتهم وما يبحثون عنه، وكيف ينصح أحدهم الآخر بكيفية التعبير عن مشاعره لمحبوبته أو التعامل معها.

وقلت في نفسي عل وعسى تجيب الذيب من ذيله وتعطينا المفيد، فقالت لي أنواع الرجال مختلفة، فهناك الرجل العاطفي وهو الذي يعبر عن عواطفه بشتى الطرق، وهو أشبه بالبركان الذي يطلق (فورات) عاطفية ولا يهدأ أبداً (يا حبة عيني)، وهذا النوع شبه (منقرض).

وهناك الرجل الأناني الذي لا يهتم إلا بنفسه، ومشاعره، وأحاسيسه، ونفسيته، ولا يراعي أبداً من يحبها أو يكترث لمشاعرها إن غضب، لأنه يعتقد أنه دائماً على صواب وهي مصدر للنكد فقط، حتى وإن أشعلت له أصابعها العشرين باحثة عن رضاه.

وهناك الرجل البخيل، والبخل المقصود هنا ليس مرتبطاً بالمال في كل الأوقات، فالبخل قد يتعلق بالمشاعر أيضاً، فيستكثر الكلمة الحلوة على محبوبته، والفعل الجميل الذي قد يترك أثراً رائعاً في نفسها قد يمحو له أي خطيئة.

وهناك الرجل البارد، الذي لا يبكي ولا يصرخ ولا ينفعل، لأنه يقتل جميع مشاعره وانفعالاته ويكتمها حتى يخيل للكل أنه بلا مشاعر وبلا عواطف وأحاسيس، وذلك بسبب الحائط الجليدي الذي يحيط به قلبه من جميع الاتجاهات.

وإلى هنا ضقت ذرعاً بهذا الحديث السخيف الذي لم أخرج بفائدة منه، ولم استسغ كلام صديقتي (المهبولة) التي أعتقد أنها لم تكن في حالة طبيعية، فقاطعتها وطلبت منها أن (تنطم) وانطمت بالفعل.

ثم عم بيني وبينها صمتٌ رهيب، وقلت في نفسي أنا ايش (أبلشني) بهذه البلوة، ومسكت (الريموت كنترول) أبحث عن شيء يشرح الخاطر أكثر من وجهها وحديثها المُمل، فوجدت (أم كلثوم) ماسكة منديلها (تؤشر به) -ياهووو- وتقول:

طول عمري بقول لا أنا قد الشوق

وليالي الشوق ولا قلبي قد عذابه...

قاطعتها هي الأخرى وقلت لها لا شعورياً دخيلك يا تومة أنتِ الثانية انطمي، (وهبدت) الريموت بالشاشة التي (تفشفشت) أمامي، وبعدها طردت صديقتي وتعوذت بالله من الشيطان الريجيم... فاختفيت.

* كاتبة سعودية

Twitter: @rzamka

rehamzamkah@yahoo.com