-A +A
حسين شبكشي
مرت على السعودية العديد من المواقف العصيبة والخطيرة منها ما لا يزال حيا في الذاكرة، ومنها ما دخل في ذمة التاريخ وكتبه.

مواقف مثل فتنة «السبلة» في عهد الملك عبدالعزيز، عداء عبدالناصر وحرب اليمن، احتلال جهيمان وزمرته للحرم المكي الشريف، ثورة النظام الطائفي الإرهابي الخميني وتصديره الإرهاب للسعودية، احتلال العراق للكويت، أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إرهاب القاعدة وداعش وحزب الله ضد السعودية، الانقلاب على الشرعية واحتلال الحوثيين لليمن.


هذه مواقف أقل ما يمكن أن يطلق عليها هو وصف الزلازل، ومع ذلك وبفضل الله وحكمة القيادة مرت بسلام، وتمت مواجهة الخلل وإصلاحه بشكل جذري الذي بسببه حصلت المشكلة ولم يتكرر بالتالي مرة أخرى.

اليوم تواجه السعودية أزمة جديدة ولكنها مختلفة تماما عن كل ما سبق ذكره.

المشكلة الحالية أهم وأخطر وأعمق مما سبق، تستوجب معالجة قضائية أولا وخطوات أخرى لاحقا، (والخطوة القضائية بدأت، وذلك بتبني النيابة العامة لإجراءاتها القضائية بعد توجيه لائحة الاتهامات لقائمة من المتهمين وذلك بعد استكمال التحقيق)، وينبغي بعد ذلك تنفيذ الأحكام متى ما صدرت بحق من تثبت عليهم الاتهامات.

ولقد بدأت الدولة أولى الخطوات الإصلاحية المهمة نتاج المشكلة الكبرى الحالية، متمثلة في إعادة هيكلة جهاز الاستخبارات المهم، وقد يكون من الضروري أن تطال الإصلاحات أجهزة أخرى حصل منها قصور في الأداء، ومن أهم الأسئلة التي بحاجة للإجابة عنها هو مدى الاختراق الأمني وحصول «التجسس» الاستخباراتي من أطراف أخرى بحق المقار الدبلوماسية السعودية بالخارج كما حصل في إسطنبول.

وهناك ضرورة تذكير مجددا عن قصور الأداء الإعلامي في الأزمة الحالية، فهل يعقل ألا يكون أي مراسل صحفي أو تلفزيوني للمحطات السعودية موجودا في تركيا لتغطية الحدث وتقديم صور «أخرى» من قلب الحدث عن اختراق جهاز الأمن التركي للقنصليات الدبلوماسية وتجاوزاتها المختلفة أو كشف «المصادر» التي يعتمد عليها نظام الانقلاب في قطر لمهاجمة السعودية وغير ذلك.

هناك «الأسباب» و«القصور» التي أدت إلى المشكلة، وهناك «تبعيات» المشكلة، والموضوعان مختلفان.

الأولى جريمة بحق مواطن والثانية جريمة بحق الوطن.

اليوم السعودية كلها تحت المجهر الدولي، والحملة عليها تتصاعد بتركيز شديد وعنف واضح، والحديث عن العقوبات وتبعياته بات مصدر قلق وهواجس تقتضي حكمة تعودنا عليها من القيادة في معالجة الأمور والتعاطي مع الأحداث.

هذه لحظة تاريخية يقف فيها الشعب السعودي بصدق وأمانة خلف القيادة كالبنيان المرصوص؛ لأنهم على يقين أن في تلاحمهم ووحدتهم قوة وأمانا.

الحكمة المأمولة تقتضي إصلاح واستفادة مما حصل والاعتماد على أهل الكفاءة وهم كثر في بلد معطاء غني بأبنائه الكرام.

نعم السعودية مستهدفة، وهذا لم يعد سرا، الغدر والخسة والخيانة تأتي من جار وأخ سابق هو نظام الانقلاب في قطر بقيادة الابن العاق حمد بن خليفة الذي تحالف مع إسرائيل وإيران والإخوان المسلمين على إسقاط السعودية وتقسيمها، وجند كل ثروته لتحقيق ذلك، وعليه فإن الاستفادة القصوى مما حصل في هذه المشكلة هو يصب في صالحنا العام أولا وأخيرا.

استفادة تترجم بقرارات وإصلاحات بلا مجاملة لأحد إلا لمصلحة البلاد سيقف خلفها الشعب كله فرحا ومؤيدا.

حمى الله السعودية من كل أذى يراد بها، فاليوم هناك قصاص مطلوب لجريمة بحق مواطن، وأيضا هناك حماية مطلوبة بحق وطن يراد اغتياله هو الآخر.

علينا ألّا نساعد المجرمين الذي يريدون السوء والشر بحق وطننا بعدم انتهاز هذه اللحظة المهمة للاستفادة مما حصل.

حفظ الله بلادنا وولاه الأمر فيها من كل شر. رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.

* كاتب سعودي