-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
الكثير من طرق وشوارع مدننا الكبيرة منها والصغيرة، لم تعد بحاجة إلى أمطار لتتكشف رداءة السفلتة والرصف وتآكلها بسبب مياه راكدة أو جارية، بل إن بعض أعمال الصيانة لا يكاد يمضي عليها أيام وأسابيع إلا وتنكشف عيوبها جراء المثل القائل (طبطب وليّسْ يطلع كويس) وهذا يضع علامة استفهام: كيف تتكرر هذه الحالة، وأين الخلل أو الحلقة المفقودة؟

ومهما كانت أسباب أخطاء المقاول أو الجهة المسؤولة، فإن الواقع المحير لهذه المشكلة لا يزال كما هو والتساؤلات نفسها عن حال صيانة كثير من الطرق الداخلية، رغم مناقصات وكراسات الشروط وبنود العقود الموقعة من المقاولين والبلديات معا، والتوقيع بالاستلام والتسليم.


الإنسان العادي وليس فقط أهل الخبرة والتخصص، يدرك أن السفلتة ليست ديكورا للشوارع ولا مجرد طبقات تسر الناظرين وتريح العابرين إلى حين، والجهات الحكومية المعنية تدرك أن الطرق بنية أساسية وشرايين تنمية وخدمة حضارية يجب أن تتمتع بمواصفات الجودة، لكن للأسف بعض الطرق تمت صيانتها وحفرها بعشوائية وأقل جودة وأغلى سعرا، وأعمال الصيانة للطرق مكلفة للدولة حيث العقود في ارتفاع ومع ذلك مازلنا نعاني من رداءة مواصفات لا تصمد أمام ضغط حركة السيارات والأمطار، بين هبوط وتشققات وتكسرات وعدم استقامة سطح الطريق وضعف الطبقة السفلى.

مسألة مقاول الباطن لشركات كبيرة صاحبة العقد تبدو إحدى الثغرات، وكلاهما يأخذ نصيبه من العمل ولا يتحمل نصيبه من المسؤولية الغائبة غياب بعض الضمائر في تلك الأعمال، والحالة الثانية غير المفهومة حتى الآن، هي كثرة الحفريات لشركات الخدمات العامة التي تعيد رصف حفرياتها، لكن دون حالتها الأولى، فتبدو العملية أشبه بالترقيع في تشوه بصري واضح، فأين الرقابة على ذلك.

فبعض الشركات تطلب تصريحا لتمديد خدماتها ثم تترك الحفريات لفترة طويلة تضيق خلالها الشوارع وترتبك حركتها والسكان، إلى أن تعيد السفلتة ربما بواسطة مقاولي طرق سبق أن تركوا ندبات عليها دونما محاسبة، ونعتاد أنها مجرد سد حفريات وليس طريقا أو شارعا يجب أن يتمتع بالجودة وبالشكل اللائق ويحافظ على سلامة المركبات وراحة الركاب، وبذلك ليس غريبا ولا عجيبا أن تتحول مع الأمطار إلى مجار عشوائية وبحيرات لا تصب في شبكات التصريف إن وجدت.

أيضا بعض المخططات السكنية تتكرر فيها نفس المشكلة بتعدد المرافق والخدمات المطلوبة ، فلماذا لا يتم تنفيذ تلك المرافق بمناقصة واحدة لإحدى الشركات الكبيرة وتكون مسؤولة عن تنفيذها وتسليمها حسب المواصفات، بدلا من أن تقوم بها كل جهة في فترات زمنية متباينة ومتباعدة تؤثر على جاهزية المرافق ويعاني السكان من حال الشوارع، كما نتطلع من البلديات إلى خطط وأفكار مبدعة في إظهار الجمال البيئي للمدن والشوارع ، لتمتص على الأقل صخب الحركة والفوضى المرورية أحيانا، بدلا من أن تغني كل جهة في حدود مسؤوليتها، ويتسلل إليها التراخي.

المسؤولون ليسوا منفصلين بأجسادهم عن الحياة اليومية الواسعة، فكيف إذا كانت عيونهم لا ترى كل هذا التشوه البصري الذي يشير إلى فصل واضح بين أعمال المكتب والواقع، وكأن ليس بالإمكان أفضل مما كان، وهذا لا نراه في مدن كثيرة في العالم تهبرك جودة ومواصفات شوارعها، ولا تجد أثرا لمثل تلك التشوهات، التي نتيجتها هدر اقتصادي ربما يدعو إلى فكرة تخصيص صيانة وتشغيل الطرق لضمان جودتها وجمالها.

* كاتب سعودي